(فلمَّا تَرَاءتِ الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريءٌ منكم إِنِّي أرى ما لا ترون إني أخاف الله) [الأنفال: 48] .

وقد جرى مع أبي هريرة قصة طريفة رواها البخاري وغيره؛ قال أبو هريرة: (وكلني رسول الله بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام، فأخذته، وقلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني محتاج، وعليّ عيال، ولي حاجة شديدة، قال: فخليت عنه، فأصبحت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة، (ما فعل أسيرك البارحة؟)

قال: قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالاً، فرحمته، فخليت سبيله، قال: (أما إنه كذبك وسيعود) ، فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه سيعود، فرصدته، فجاءَ يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: دعني فإني محتاج، وعليّ عيال، لا أعود، فرحمته، فخليت سبيله، فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك؟) قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالاً، فرحمته، فخليت سبيله.

قال: (أما إنه كذبك وسيعود) ، فرصدته الثالثة، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا آخر ثلاث مرات، إنك تزعم لا تعود، ثمّ تعود! قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قال: قلت: ما هنّ؟

قال: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي (الله لا إله إلاَّ هو الحيُّ القيُّوم) [البقرة: 255] حتى تختم الآية؛ فإنّك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنّك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما فعل أسيرك البارحة؟) قلت: يا رسول الله زعم أنّه يعلمني كلمات ينفعني الله بها، فخليت سبيله، قال: ما هي؟ قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية (الله لا إله إلاَّ هو الحيُّ القيُّوم) [البقرة: 255] وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، وكانوا أحرص شيء على الخير.

قال النبي: (أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟) قال: لا، قال: (ذاك شيطان) (?) .

فقد تشكل هذا الشيطان في صورة إنسان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015