أني قد عَمِلت بهما كتبتُ غيرهما. قيل: وما الحديثان؟ قال: "مِنْ حُسْن إسلام المرء تَرْكه ما لا يعنيه"، و"حبُّ الدنيا رأس كل خطيئة"، وأنا أستغفر الله من اعتذاري إليه، وأشكره على ما قد عرّفني من زللي. فانصرَفوا وهم يَحْلفون بالله: ما رأينا أفقه منه، ولا أشدَّ محاسبةً منه لنفسه. قال: فرجع إليه رجلٌ منهم، فقال: أوصني، قال: عليك بتقوى الله وصِدْق الحديث، وتَرْك ما لا يعنيك ثم قام فدخل إلى منزله".
"عن الحسن قال: الرجل إذا طلب باباً من الِعلْم لم يَلْبث أن يُرى ذلك في تخشّعِهِ وبَصَرِهِ ولسانِهِ ويدِهِ وزهدِهِ وصَلاتِهِ وبدَنِهِ، وإنْ كان الرجلُ ليَطلبُ الباب من العلم فلَهُوَ خيرٌ له من الدنيا وما فيها"".
"عن أيوب قال: ينبغي للعالِمِ أن يَضَع التراب على رأسه تواضعاً لله عزّ وجلّ".
"مَعْمر القطيعي قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: العِلْم إذا لم ينفع ضَرَّ".
"حدثنا العباس بن الحسين القنطري حدثنا محمد بن الحجاج، قال: كتب أحمد بن حنبل رضي الله عنه عني كلاماً- قال العباس: وأملاه علينا. قال: لا ينبغي للرجل أن ينصب نفسه -يعني للفتوى- حتى يكون فيه خمس خصال:
أما أُولاها: فأن يكون له نيةٌ، فإنه إن لم تكن له فيه نيّةٌ لم يكن عليه نورٌ ولا على كلامه نور.
وأما الثانية: فيكون له خُلُق ووقارٌ وسَكِينةٌ.
وأما الثالثة: فيكون قويّاً على ما هو فيه وعلى معرفته.
وأما الرابعة: فالكفاية، وإلا مضَغَهُ الناس.
وأما الخامسة: فمعرفة الناس".