مولده سنة ست وعشرين وست مائة، فإن والده مات وهو ابن إحدى عشرة سنة، فأقام بالعادلية ولزم الدرس والاشتغال حتى حفظ كتبًا كثيرة وعرضها وتثبت وتميز على أقرانه وسمع الحديث من ابن اللتي، وابن الصلاح، والسخاوي وجماعة، وأجاز له خلق، وخرج له الحافظ تقي الدين عنه معجمًا من الحفاظ والفقهاء، وقد درس في شبيبته في المدرسة الدماغية، وحدث بمصر ودرس وروى عنه جماعة من الحفاظ، ثم ولي قضاء القدس قبل وقعة هلاوو، ثم حمل إلى القاهرة وتدرس، ثم ولي قضاء المحلة والبهنسا، ثم قلد قضاء حلب، ثم عاد إلى قضاء المحلة، ثم ولي قضاء القاهرة، والوجه البحري، ثم ولي قضاء القضاة

بالشام بعد القاضي بهاء الدين ابن الزكي فاجتمع الفضلاء عليه، ولاذوا به لفضائله المتعددة، وفواضله المزيدة وذهنه الثاقب، وثمر فكره المتراكب، وقد صنف في فنون كثيرة، فمنها كتاب ضمنه عشرين علمًا، وكان له نظر جيد في المعقولات، ومع هذا له اعتقاد سليم على طريقة السلف، وله شرح الفصول لابن معطرة، ونظم علوم الحديث لابن الصلاح، والفصيح لثعلب، وشرح خمسة عشر حديثًا من أول كتاب الملخص للقابسي فلو أتمه لكان غاية مرجحا على التمهيد لأبي عمر بن عبد البر، وكان رحمه الله حسن الأخلاق، حلو المجالسة دينا متصوفًا، حسن الهيئة، ربعة من الرجال، أسمر مهيبًا كبير الوجه،

فصيح العبارة، مستدير اللحية قليل الشيب، توفي في بستان صيف بالشام يوم الخميس الخامس والعشرين من رمضان سنة ثلاث وتسعين وست مائة، وصلى عليه بالجامع المظفري بين الصلاتين، ودفن عند والده بالجبل رحمهما الله، قال الحافظ أبو الحجاج المزي: كان أحد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015