حنفي المذهب قبل ذلك، وكلا الإمامين، أعني أبا حنيفة والشافعي رحمهما الله، كانا إمامي هدى يستضاء بهما في الدين، وكذلك سائر أئمة الإسلام رحمهم الله، توفي في رجب سنة تسع وتسعين وخمس مائة.
ثم البغدادي الشافعي، أحد الأذكياء والعلماء المحررين في المذهب، ويعرف بالمجير، تفقه بالنظامية على أبي منصور الرزاز، وأبي نصر المبارك بن روما، وأخذ علم الكلام من أبي الفتوح محمد بن الفضل الإسفراييني، وأبي جعفر عبد السيد بن علي ابن الزيتوني، وسمع الحديث من أبي القاسم بن الحصين، وأبي بكر الأنصاري، وأبي القاسم السمرقندي وجماعة، وروى عنه يوسف بن خليل، وكان ذكيا فصيحا بليغا أعاد في شبيبته للإمام أبي النجيب الشهرزوري في مدرسته، ثم سار إلى دمشق فدرس بالمدرسة التي بنيت له، وهي الجاروخية، واتصل بروحة بنت بيان الملوك وأخذ منها جوهرا كثيرا فسمع عليه،
فارتحل إلى شيراز، وبنى له ملكها مدرسة فدرس بها، فلما جاءت دولة ابن القصاب أحضره إلى بغداد، وولاه تدريس النظامية، وخلع عليه خلعة سوداء بطرحة، وحضر درسه الأعيان والعلماء، وكان يوما مشهودا، قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي رحمه الله تعالى: برع في المذهب حتى صار أوحد زمانه، وتفرد بمعرفة الأصول