فصل في ذكر مشايخه في القراءة والحديث والفقه

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: أخبرني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قراءة، أنا الشافعي، أنا إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين، يعني: قارئ مكة، قال: قرأت على شبل، يعني: ابن عباد، وأخبره شبل أنه قرأ على عبد الله بن كثير، وأخبره عبد الله بن كثير أنه قرأ على مجاهد، وأخبر مجاهد أنه قرأ على ابن عباس، وأخبر ابن عباس أنه قرأ على أُبَيِّ بن كعب، وقرأ أُبَيُّ بن كعب على رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال الشافعي، رضي الله عنه: وقرأت على إسماعيل بن قسطنطين، وأما الحديث فرواه عن جماعة ذكرهم شيخنا الإمام الحافظ جمال الدين أبو الحجاج المزي،

رحمه الله، في تهذيبه مرتبين على حروف المعجم وكذلك الرواة عنه، وقد زدت في الرواة عنه مما ذكره الدارقطني وغيره، فقال شيخنا: روى عن إبراهيم بن سعد الزهري، وإبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة الجمحي، وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، وإسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين، وإسماعيل بن جعفر المدني، وإسماعيل ابن علية البصري، وأبي ضمرة أنس بن عياض الليثي، وأيوب بن سويد الرملي، وحاتم بن إسماعيل المدني، وأبي أسامة حماد بن سلمة، وداود بن عبد الرحمن العطار، وسعيد بن سالم القداح، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن الحارث المخزومي، وعبد الله بن

المؤمل المخزومي، وعبد الله بن نافع الصائغ، ومات قبله، وعبد الرحمن بن أبي بكر المليكي، وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وعطاف بن خالد المخزومي، وعمرو بن أبي سلمة التنيسي، ومات قبله، ومالك بن أنس، ومحمد بن إسماعيل بن أبي فديك، ومحمد بن الحسن الشيباني، ومحمد بن خالد الجندي، ومحمد بن عثمان بن صفوان الجمحي , وعمه محمد بن علي بن شافع، ومسلم بن خالد الزنجي، ومطرف بن مازن قاضي صنعاء، وهشام بن يوسف الصنعاني القاضي، ويحيى بن حسان التنيسي،

ويحيى بن سليم الطائفي، ويوسف بن خالد السمتي، وروى عنه أبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي، وإبراهيم بن محمد الشافعي، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وأحمد بن حنبل، وأحمد بن خالد الخلال، وأحمد بن أبي سريج الرازي، وأحمد بن سنان القطان الواسطي، وأحمد بن صالح المصري، وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب المصري ابن أخي ابن وهب، وأبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح، وأحمد بن محمد الأزرقي، وأحمد بن محمد ابن سعيد الصيرفي البغدادي، وأحمد بن يحيى بن عبد العزيز البغدادي، وأبو عبد الرحمن الشافعي المتكلم، وأحمد بن يحيى بن الوزير المصري، وإسحاق بن إبراهيم ابن راهويه، وإسحاق بن

بهلول، وأبو إسماعيل بن يحيى المزني، وبحر بن نصر بن سابق الخولاني، والحارث بن سريج النقال، وحامد بن يحيى البلخي، وحرملة بن يحيى التجيبي، والحسن بن عبد العزيز الجروي , والحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني البغدادي، والحسن بن علي الكرابيسي، والربيع بن سليمان المرادي المؤذن راوية كتبه، والربيع بن سليمان الجيزي، وسعيد بن عيسى الرعيني، وسليمان بن داود المصري، وأبو أيوب سليمان بن داود الهاشمي، وأبو بكر عبد الله بن الزبير الحميدي , وعبد العزيز بن عمران بن مقلاص، وعبد العزيز بن يحيى الكناني المكي صاحب الحيدة، وعبد الملك بن قريب الأصمعي , وعلي بن سلمة

اللبقي، وعلي بن معبد الرقي، وعمرو ابن سواد بن الأسود العامري، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وأبو حنيفة قحزم بن عبد الله الأسواني، وأبو يحيى محمد بن سعيد بن غالب العطار، ومحمد بن عبد الله بن الحكم، وابنه أبو عثمان محمد بن محمد بن إدريس الشافعي، ومحمد بن يحيى بن حسان التنيسي، ومحمد بن يحيى العدني، ومسعود بن سهل المصري الأسود، وأبو الوليد موسى بن أبي الجارود المكي، وهو راوي كتاب الأمالي وغيره، وهارون بن سعيد الأيلي، ويحيى بن عبد الله الخثعمي، وأبو يعقوب يوسف ابن يحيى البويطي، ويونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري رحمهم الله تعالى.

قال أبو الحسن محمد بن الحسين بن إبراهيم الآبري السجستاني، في كتاب مناقب الشافعي، رضي الله عنه: سمعت بعض أهل المعرفة بالحديث، يقولون: إذا قال الشافعي، رضي الله عنه، في كتبه: أنا الثقة عن ابن أبي ذئب فهو ابن أبي فديك، وإذا قال: أنا الثقة، عن الليث بن سعد فهو يحيى بن حسان، وإذا قال: أنا الثقة، عن الوليد بن كثير فهو أبو أسامة، وإذا قال: أنا الثقة عن الأوزاعي فهو عمرو بن أبي سلمة، وإذا قال: أنا الثقة، عن ابن جريج فهو مسلم بن خالد الزنجي، وإذا قال: أنا الثقة، عن صالح مولى التوأمة فهو إبراهيم بن أبي يحيى، أخرج له أصحاب السنن الأربع أبو داود والترمذي

والنسائي وابن ماجه، وذكره البخاري في موضعين من صحيحه أحدهما: في الركاز، وقال مالك، وابن إدريس: الركاز دفن الجاهلية في قليله، وكثيره الزكاة، وليس المعدن بركاز، والثاني: في البيوع، وقال ابن إدريس: العرية لا تكون إلا بالكيل من التمر يدا بيد، لا تكون بالجزاف، ومما يقويه قول سهل بن أبي حثمة بالأوسق الموسقة، قلت: وإنما لم يخرج له صاحبا الصحيح لنزول إسناده عندهما وإلا فجلالته وإمامته مجمع عليها.

قلت: ووقع لي من مصنفات الشافعي، رضي الله عنه، رواية مسنده المنتخب من كتاب الأم، ورواية الرسالة الكبيرة في أصول الفقه، والسنن من طريق المزني.

وأما الفقه فأخذه الشافعي، رضي الله عنه، أولا عن مسلم بن خالد الزنجي بمكة، والزنجي تفقه على ابن جريج، وابن جريج أخذ الفقه عن عطاء بن أبي رباح وتفقه عطاء على ابن عباس، وابن الزبير وغيرهما، وأولئك أخذوا عن رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتفقه ابن عباس على عمر، وعلي، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وغيرهم من الصحابة، رضي الله عنهم، وأخذه الشافعي أيضا عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس وابن عمر، رضي الله عنهم، ثم تفقه الشافعي، رضي الله عنه، بمالك بن أنس إمام دار الهجرة في زمانه، ومالك تفقه بشيخه ربيعة بن أبي عبد الرحمن،

عن أنس بن مالك، ومالك أيضا عن نافع، عن ابن عمر، رضي الله عنهم أجمعين.

وأما الذين تفقهوا بالشافعي، رضي الله عنهم، ومن بعدهم من الطبقات إلى زماننا، فسأفرد لهم ديوانا يجمع طبقات أصحاب المذهب من أصحاب الوجوه والمشهورين بحمله من المتقدمين منهم، والمتأخرين، إن شاء الله تعالى، وبه الثقة والمستعان.

قلت: ومن أجل من أخذ عنه , واجتمع به، وتفقه بكتبه الإمامان السيدان الكبيران الحبران شيخا السنة أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه المروزيان.

قال الحسن بن محمد الزعفراني: كنا نختلف إلى الشافعي عندما قدم إلى بغداد ستة أنفس: أحمد بن حنبل، وأبو ثور، والحارث النقال، وأبو عبد الرحمن الشافعي , وأنا، ورجل آخر سماه، وما عرضنا على الشافعي كتبه إلا وأحمد بن حنبل حاضر لذلك، وقال الخطيب: أنا أبو طالب عمر بن إبراهيم، ثنا محمد بن خلف بن جيان الجلال، حدثني عمر بن الحسن، عن أبي القاسم بن منيع، حدثني صالح بن أحمد بن حنبل، قال: مشى أبي مع بغلة الشافعي، رضي الله عنه، فبعث إليه ابن معين، فقال: يا أبا عبد الله أما رضيت إلا أن تمشي مع بغلته؟ فقال: يا أبا زكريا، لو مشيت من الجانب الآخر كان أنفع لك.

وقال البيهقي: أنا الحاكم، أخبرني أبو الفضل بن أبي نصر العدل، قال: وحدث عن أبي القاسم بن منيع، قال لي صالح بن أحمد: ركب الشافعي، رضي الله عنه، حماره فجعل أبي يسايره يمشي، والشافعي راكب وهو يذاكره، فبلغ ذلك يحيى بن معين فبعث إلى أبي، فبعث إليه، إنك لو كنت في الجانب الآخر من الحمار كان خيرا لك، هذا، أو معناه , وقال: أبو أحمد بن عدي، سمعت موسى بن القاسم بن موسى بن الحسن بن موسى الأشيب، يذكر عن بعض شيوخه، قال: لما قدم الشافعي، رضي الله عنه، بغداد لزمه أحمد بن حنبل يمشي مع بغلة له فأخلى الحلقة التي يقعد فيها أحمد، ويحيى، وأبو خيثمة وغيرهم، فوجه يحيى

بن معين: إنك تمشي مع بغلة هذا الرجل، يعني: الشافعي، فوجه أحمد: لو كنت من الجانب الآخر كان أنفع لك، وقال الحافظ أبو نعيم، ثنا أحمد بن إسحاق: ثنا أحمد بن روح، ثنا محمد بن ماجه القزويني، قال: جاء يحيى بن معين يوما لأحمد بن حنبل، فبينما هو عنده إذ مر الشافعي على بغلته، فوثب أحمد فسلم عليه وتبعه فأبطأ، ويحيى جالس، فلما جاء قال يحيى: يا أبا عبد الله لم هذا؟ فقال أحمد: دع هذا عنك إن أردت الفقه فالزم ذنب البغلة، قلت: الإمام أحمد، رحمه الله، عرف قدر الشافعي، رضي الله عنه، لما عنده من الفقه ويحيى بن معين لم يكن عنده من ذلك كما عند الإمام أحمد رحمهم

الله، وقال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود، يقول: ما رأيت أحمد بن حنبل يميل إلى أحد ميله إلى الشافعي، وقال ابن أبي حاتم: سمعت محمد بن الفضل القزاز، قال: سمعت أبي يقول: حججت مع أحمد بن حنبل، ونزلت في مكان واحد معه، أو في دار، يعني: بمكة، وخرج أبو عبد الله، يعني: أحمد بن حنبل، باكرا، وخرجت أنا بعده فلما صليت الصبح وردت المسجد فجئت إلى مجلس سفيان بن عيينة فكنت أدور مجلسا مجلسا طلبا لأبي عبد الله أحمد بن حنبل حتى وجدت أحمد بن حنبل عند شاب أعرابي، وعليه ثياب مصبوغة وعلى رأسه جمة فزاحمت حتى قعدت عند أحمد بن حنبل، فقلت: يا أبا عبد الله، تركت ابن عيينة

عنده الزهري، وعمرو بن دينار، وزياد بن علاقة، ومن التابعين ما أنت به عليم، فقال لي: اسكت، فإن فاتك حديث بعلو تجده بنزول لا يضرك في دينك ولا في عقلك ولا بفهمك، وإن فاتك عقل هذا الفتى أخاف ألا تجده إلى يوم القيامة، ما رأيت أحدا أفقه في كتاب الله من هذا الفتى القرشي، قلت: من هذا؟ قال: محمد بن إدريس الشافعي.

وقال ابن أبي حاتم، سمعت من أبي إسماعيل الترمذي، قال: سمعت إسحاق بن راهويه يقول كنا بمكة، والشافعي بها، وأحمد بن حنبل بها، فقال لي أحمد بن حنبل: يا أبا يعقوب، جالس هذا الرجل يعني الشافعي، قلت: وما أصنع به؟ سنه قريب من سننا، أترك ابن عيينة والمقري؟ فقال: ويحك، إن ذاك لا يفوت وهذا يفوت، فجالسته، قلت: هذا لعله كان في سنة ست، أو سبع وتسعين ومائة، بعد أن قدم الشافعي، رضي الله عنه، بغداد في سنة خمس وتسعين، فعرف أحمد ثم عاد إلى مكة، ورجع إلى بغداد سنة ثمان وتسعين كما سيأتي، وقال زكريا بن يحيى الساجي: حدثني محمد بن خلاد بن خالد البغدادي، حدثني الفضل بن

زياد، عن أحمد بن حنبل، قال: هذا الذي ترون كله، أو عامته من الشافعي وما بت منذ ثلاثين سنة إلا وأنا أدعو الله للشافعي، وأستغفر له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015