الحسين بن الضحاك، قال: قال لي علّوية: أخبرُك أنه مرّ بي مرة ما أيستُ من نفسي معه لولا كرم المأمون؛ فإنه دعا بنا؛ فلمّا أخذ فيه النبيذ؛ قال: غنّوني، فسبقني مخارق، فاندفع فغنّى صوتًا لابن سُرَيج في شعر جرير:
لمَّا تَذَكَّرت بالدَّيريْنِ أَرَّقنَي ... صوتُ الدَّجاج وضرْبٌ بالنَّواقِيسِ
فقلتُ لِلَّركبِ إذ جَدَّ المَسيرُ بنا ... يا بُعْدَ يَبْرينَ من باب الفراديس!
قال: فحُيِّنَ لي أن تغنّيتُ، وكان قد همّ بالخروج إلى دمشق يريد الثغر:
الحَينُ ساقَ إلى دمشق ومَا ... كانتْ دمشق لأَهلها بلدا
فضرب بالقدح الأرض، وقال: ما لك! عليك لعنة الله. ثم قال: يا غلام، أعطِ مخارقًا ثلاثة آلاف درهم؛ وأخذ بيدي فأقمتُ وعيناه تدمعان، وهو يقول للمعتصم: هو والله آخر خُروج، ولا أحسبني أن أرى العراق أبدًا، فكان والله آخرَ عهدِه بالعراق عند خروجه كما قال (?).