من عند الأمين محمد أمير المؤمنين إلى عبد الله بن هارون أمير المؤمنين. أما بعد، فإن أميرَ المؤمنين روّى في أمرك، والموضع الذي أنت فيه من ثغره، وما يؤمّل في قربك من المعاونة والمكانفة على ما حمَّله الله، وقلّده من أمور عباده وبلاده، وفكّر فيما كان أمير المؤمنين الرّشيد أوجب لك من الولاية، وأمر به من إفرادك على ما يصير إليك منها، فرجا أمير المؤمنين ألّا يدخل عليه وكْفٌ في دينه، ولا نَكْث في يمينه، إذ كان إشخاصه إياك فيما يعود على المسلمين نفعه، ويصل إلى عامتهم صلاحه وفضله. وعلم أمير المؤمنين أنّ مكانك بالقرب منه أسدّ للثغور، وأصلح للجنود، وآكد للفيء، وأردّ على العامة من مقامك ببلاد خُراسان منقطعًا عن أهل بيتك، متغيبًا عن أمير المؤمنين وما يجب الاستمتاع به من رأيك وتدبيرِك. وقد رأى أمير المؤمنين أن يولِّيَ موسى بن أمير المؤمنين فيما يقلده من خلافتِك ما يحدث إليه من أمرك ونهيك. فاقدم على أمير المؤمنين على بركة الله وعونِه، بأبسط أملٍ وأفسح رجاء وأحمد عاقبة، وأنفذ بصيرة، فإنك أوْلى مَن استعان به أمير المؤمنين على أموره، واحتمل عنه النَّصَب فيما فيه من صلاح أهل ملّته وذمته. والسلام.

ودفع الكتاب إلى العبّاس بن موسى بن عيسى بن محمد بن عليّ، وإلى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر، وإلى محمد بن عيسى بن نهيك، وإلى صالح صاحب المصلّى، وأمرهم أن يتوجّهوا به إلى عبد الله المأمون، وألا يدَعوا وجهًا من اللين والرّفق إلا بلغوه، وسهلوا الأمر عليه فيه، وحمّل بعضهم الأموالَ والألطاف والهدايا، وذلك في سنة أربع وتسعين ومائة. فتوجهوا بكتابه، فلما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015