وإلى الدخول في طاعته، ودَعوناهم إلى أن يدفعوا إلينا عُبيد الله بن زَياد فنقتلهَ ببعض من قتل من إخواننا، وأن يَخلعوا عبد الملك بن مروان، وإلى أن يُخْرَجَ مَن ببلادنا من آل ابن الزبير، ثم نردّ هذا الأمر إلى أهل بيت نبيِّنا الذين آتانا الله من قلبهم بالنعمة والكرامة، فأبى القوم وأبينا.

قال حميد بن مسلم: فحملتْ ميمنتُنا على ميسرتهم وهزمتهم، . وحملتْ ميسرتنا على ميمنتهم، وحمل سليمان في القلب على جماعتهم، فهزَمنْاهم حتى اضطررناهم إلى عسكرهم. فما زال الظفر لنا عليهم حتى حجز الليلُ بيننا وبينهم، ثمّ انصرفْنا عنهم وقد حجزناهم في عسكرهم، فلما كان الغد صبَّحهم ابن ذي الكلاع في ثمانية آلاف، أمدّهم بهم عبيد الله بن زياد، وبعث إليه يشتمه، ويقع فيه، ويقول: إنما عملتَ عَملَ الأغمار، تُضيع عسكرك ومسالحكَ! سر إلى الحصين بن نمير حتى توافيَه وهو على الناس. فجاءَه، فغدوا علينا وغادَيناهم، فقاتلناهم قتالًا لم يَرَ الشِّيبُ والمُرْدُ مِثلَه قطّ يومنا كلَّه، لا يحجز بيننا وبين القتال إلا الصلاة حتى أمسَيْنا فتحاجزنا، وقد والله أكثروا فينا الجراحَ، وأفشيناها فيهم؛ قال: وكان فينا قُصّاصُ ثلاثة: رفاعة بن شدّاد البَجَليّ، وصُحَير بن حذيفة بن هلال بن مالك المرّيّ، وأبو الجُوَيْرِية العبديّ، فكان رفاعة يقصّ ويُحضّض الناس في الميمنة، لا يبرَحُها، وجُرح أبو الجويرية اليوم الثاني في أوَّل النهار، فلزم الرّحال، وكان صُحَير ليلتَه كلها يدور فينا ويقول: أبشروا عباد الله بكرامة الله ورضوانه، فحقّ والله لمَنْ ليس بينه وبين لقاء الأحبّة ودخول الجنة والراحة من إبرام الدنيا وأذاها إلا فراقُ هذه النفس الأمّارة بالسوء أن يكون بفراقها سَخِيًّا، وبلقاءِ ربه مسرورًا، فمكثْنا كذلك حتى أصبحنا، وأصبح ابن نمير وأدهم بن محرز الباهليّ في نحو من عشرة آلاف، فخرجوا إلينا، فاقتتلنا اليومَ الثالثَ يومَ الجمعة قتالًا شديدًا إلى ارتفاع الضّحى، ثمّ إنّ أهل الشام كَثرونا وتعطّفوا علينا من كلّ جانب، ورأى سليمانُ بن صُرد ما لقى أصحابُه، فنزل فنادى: عبادَ الله، من أراد البُكور إلى ربّه، والتوبة من ذنبه، والوفاء بعهده، فإليَّ؛ ثم كسر جفنَ سيفِه، ونزل معه ناسٌ كثير، فكسروا جفونَ سيوفهم، ومشَوْا معه، وانزوت خيلُهم حتى اختلطت مع الرّجال، فقاتلوهم حتى نزلت الرجال تشتدّ مُصلتةً بالسيوف، وقد كسروا الجفون، فحمل الفرسانُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015