قال: ولم يزل إبراهيم مقيمًا بالبصرة بعد ظهوره بها، يفرّق العمال في النواحي ويوجّه الجيوش إلى البلدان؛ حتى أتاه نعيُّ أخيه محمد؛ فذكر نصر بن قُديد؛ قال: فرض إبراهيم فروضًا بالبصرة، فلما كان قبل الفِطْر بثلاثة أيام، أتاه نعيّ أخيه محمد؛ فخرج بالناس إلى العيد، وهم يعرفون فيه الانكسار، وأخبر الناسَ بقتل محمد؛ فازدادوا في قتالَ أبي جَعفر بصيرةً، وأصبح من الغدِ فعسكر، واستخلف نُمَيلةَ على البَصْرة، وخلّف ابنه حسنًا معه.
قال سعيد بن هريم: حدثني أبي، قال: قال عليّ بن داود: لقد نظرت إلى الموت في وجْه إبراهيم حين خطَبنَا يوم الفطر، فانصرفتُ إلى أهلي فقلت: قتِل والله الرجل!
وذكر محمد بن معروف، عن أبيه أن جَعفرًا ومحمدًا ابني سليمان لما شخصا من البصرة، أرسلاه إلى أبي جعفر ليخبره خبر إبراهيم، قال: فأخبرتُه خبرهما، فقال: والله ما أدري كيف أصنع! والله ما في عسكري إلا ألفا رجل؛ فرّقت جندي، فمع المهديّ بالرّيّ ثلاثون ألفًا، ومع محمد بن الأشعث بإفريقية أربعون ألفًا والباقون مع عيسى بن موسى؛ والله لئن سلمت من هذه لا يفارق عسكري ثلاثون ألفًا.
وقد قال عبد الله بن راشد: ما كان في عسكر أبي جعفر كثيرُ أحد؛ ما هم إلا سودان وناسٌ يسير؛ وكان يأمر بالحطَب فيحزَم ثم يوقَد بالليل، فيراه الرائي فيحسِب أن هناك ناسًا؛ وما هي إلّا نار تضرَم، وليس عندها أحد.
قال محمد بن معروف بن سويد: حدّثني أبي، قال: لما ورد الخبر على أبي جعفر، كتب إلى عيسى بن موسى وهو بالمدينة: إذا قرأتَ كتابي هذا فأقبل وَدعْ كلّ ما أنت فيه؛ قال: فلم ينشب أن قدم، فوجّهه على الناس، وكتب إلى سلْم بن قتيبة فقدِم عليه من الرّيّ، فضمّه إلى جعفر بن سليمان.
فذكر عن يوسف بن قتيبة بن مسلم، قال: أخبرني أخي سلْم بن قتيبة بن مسلم، قال: لما دخلتُ على أبي جعفر قال لي: اخرج؛ فإنه قد خرج ابنا عبد الله، فاعمد لإبراهيم ولا يروعنّك جمعُه؛ فوالله إنهما جملا بني هاشم المقتولان جميعًا؛ فابسط يدك، وثِقْ بما أعلمتك، وستذكر مقالتي لك، قال: