إبراهيم، فقال: هذا هارون بن سعد قد جاءك، قال: لا حاجة لي به، قال: لا تفعل؛ في هارون تزهّد؛ فلم يزل به حتى قِبله، وأذن له فدخل عليه؛ فقال له هارون: استكفِني أهمَّ أمورك إليك، فاستكفاه واسطًا، واستعمله عليها. [7/ 634 - 637].
وذكر عن ابن أبي الكرام، وأنه قال: قدمت على أبي جعفر برأس محمد، وعامر بن إسماعيل بواسط محاصرٌ هارون بن سعد، وكانت الحرب بين أهل واسط وأصحاب أبي جعفر قبل شخوص إبراهيم من البصرة، فذكر سليمان بن أبي شيخ، قال: عسكر عامر بن إسماعيل مِنْ وراء النيل، فكانت أول حرب جرت بينه وبين هارون، فضربه عبدٌ سقّاء وجرحه وصرعه وهو لا يعرفه، فأرسل إليه أبو جعفر بظبية فيها صَمْغ عربيّ؛ وقال: داوِ بها جراحتك، فالتقوْا غير مرّة، فقتِل من أهل البصرة وأهل واسط خلْق كثير؛ وكان هارون ينهاهم عن القتال، ويقول: لو لقى صاحبنا صاحبَهم تبيّن لنا الأمر، فاستبقوا أنفسكم؛ فكانوا لا يفعلون، فلما شخص إبراهيم إلى باخَمْرَى كفّ الفريقان من أهل واسط وعامر بن إسماعيل بعضُهم عن بعض، وتوادعوا على تراك الحرب إلى أن يلتقي الفريقان، ثم يكونوا تبعًا للغالب؛ فلما قتل إبراهيم أراد عامر بن إسماعيل دخولَ واسط، فمانعه أهلُها الدخول، قال سليمان: لما جاء قتلُ إبراهيم هرب هارون بن سعد، وصالح أهلُ واسط عامر بن إسماعيل على أن يؤمنهم، فلم يثق كثير منهم بأمانه، فخرجوا منها، ودخلها عامر بن إسماعيل، وأقام بواسط فلم يُهجْ أحدًا.
وكان عامر - فيما ذكر - صالح أهلَ واسط على ألّا يقتل أحدًا بواسط، فكانوا يقتلون كلّ مَنْ يجدونه من أهل واسط خارجًا منها؛ ولما وقع الصُّلْح بين أهل واسط وعامر بعد قتلِ إبراهيم هرب هارون بن سعد إلى البصرة، فتوفِّيَ قبل أن يبلغها فيما ذكر.
وقيل: إن هارون بن سعد اختفَى فلم يزل مختفيًا حتى ولي محمد بن سليمان الكوفة، فأعطاه الأمان، واستدرجه حتى ظهر، وأمره أن يفرض لمئتين من أهل بيته، فهمّ أن يفعل، وركب إلى محمّد، فلقيه ابن عمّ له، فقال له: أنت مخدوع، فرجع فتوارى حتى مات، وهدم محمد بن سليمان داره.