بالعمل، قال: وإنما فعل المنصور ذلك ليخرج من يمينه؛ قال: وكان أبو حنيفة المتولّى لذلك، حتى فرغ من استتمام بناء حائط المدينة مما يلي الخندق، وكان استتمامه في سنة تسع وأربعين ومئة.

وذُكِر عن الهيثم بن عديّ، وأن المنصور عرضَ على أبي حنيفة القضاء والمظالم فامتنع، فحَلف ألّا يُقلع عنه حتى يعمل، فأخبِر بذلك أبو حنيفة، فدعا بقصَبة، فعدّ اللبِن على رجل قد لبَّنه، وكان أبو حنيفة أوّل مَنْ عدّ اللّبِن بالقصب، فأخرَج أبا جعفر عن يمينه، واعتل فمات ببغداد.

وقيل: إنّ أبا جعفر لما أمر بحفر الخندق وإنشاء البناء وإحكام الأساس؛ أمر أن يجعل عرض السور من أسفله خمسين ذراعًا، وقدّر أعلاه عشرين ذراعًا، وجعل في البناء جوائز قَصَب مكان الخشب في كل طرقة؛ فلمّا بلغ الحائط مقدار قامة - وذلك في سنة خمس وأربعين ومئة - أتاه خبر خروج محمد فقطع البناء.

وذكر عن أحمد بن حميد بن جبلة، قال: حدّثني أبي، عن جدّي، جبلة، قال: كانت مدينة أبي جعفر قبل بنائها مزرعة للبغداديّين، يقال لها المباركة، وكانت لستين نفسًا منهم، فعوّضهم منها وأرضاهم، فأخذ جدّي قسمة منها.

وذكر عن إبراهيم بن عيسى بن المنصور، أنّ حمادًا التركيّ قال: كان حول مدينة أبي جعفر قرىً قبل بنائها؛ فكان إلى جانب باب الشأم قرية يقال لها الخَطابية، على بابَ درب النُّورة، إلى درب الأقفاص، وكان بعض نخلها في شارع باب الشأم، إلى أيام المخلوع في الطريق، حتى قطع في أيام الفتْنة وكانت الخطّابية هذه لقوم من الدّهاقين، يقال لهم بنو فَرْوة وبنو قنورا؛ منهم إسماعيل بن دينار ويعقوب بن سليمان وأصحابهم.

وذكِر عن محمد بن موسى بن الفرات أنّ القرية التي في مربّعة أبي العباس كانت قرية جدّه من قِبَل أمّه، وأنهم من دهاقين يقال لهم بنو زُرارى؛ وكانت القرية تسمى الوردانيّة، وقرية أخرى قائمة إلى اليوم مما يلي مربعة أبي فروة.

وذكر عن إبراهيم بن عيسى أن المعروفة اليوم بدار سعيد الخطيب، كانت قرية يقال لها شرَفافيّة، ولها نخيل قائم إلى اليوم مما يلي قنطرة أبي الجوْن، وأبو الجون من دَهاقين بغداد من أهل هذه القرية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015