لسانه هارب منهزم - خاف أن يظهر أمره فيفتضح ويقتل، فقال لأصحابه: إني كارهٌ لسفك الدماء، ولم أحسّ أن يبلغ الأمر ما بلغ، فكفُّوا أيديَكم، فتفرَّق القوم عنه، فقال لأهل بيته: إنَّ إبراهيم قد هرب، ودخل مروان دمشق، فحُكي ذلك عن أهل بيته، فانتشر الخبر، واشرأبَّت الفتنة، ووقعت العصبيَّة بين الناس.

وكان سبب ذلك أن عبد الله بن عمر كان أعطى مضَر وربيعة عطايَا عظامًا، ولم يعطِ جعفر بن نافع بن القعقاع بن شَوْر الذهليَّ وعثمان بن الخَيبَرِيّ أخا بني تيم اللات بن ثعلبة شيئًا، ولم يسوّهما بنظرائهما؛ فدخلا عليه؛ فكلّماه كلامًا غليظًا، فغضب ابنُ عمر، وأمر بهما، فقام إليهما عبد الملك الطائي - وكان على شُرطه يقوم على رأسه - فدفعهما، فدفعاه وخرجا مغضَبيْن.

وكان ثمامة بن حَوْشب بن رُويم الشيبانيّ حاضرًا، فخرج مغاضبًا لصاحبيه، فخرجوا جميعًا إلى الكوفة، وكان هذا وابن عمر بالحيرة فلما دخلوا الكوفة نادوا: يا آل ربيعة، فثارت إليهم ربيعة، فاجتمعوا وتنمّرُوا، وبلغ الخبرُ ابنَ عمر، فأرسل إليهم أخاه عاصمًا، فأتاهم وهم بدير هند قد اجتمعوا وحشدوا، فألقى نفسه بينهم، وقال: هذه يدي لكم فاحكموا؛ فاستحَيْوا وعظَّموا عاصمًا، وتشكَّروا له، وأقبل على صاحبيْهم فسكتا وكفّا، فلمّا أمسى ابنُ عمر أرسل من تحت ليلته إلى عمر بن الغَضْبان بمئة ألف، فقسمها في قومه بني همام بن مرة بن ذُهْل بن شيبان، وأرسل إلى ثُمامة بن حَوْشب بن رُوَيم بمئة ألف، فقسَّمها في قومه، وأرسل إلى جعفر بن نافع بن القعقاع بعشرة آلاف، وإلى عثمان بن الخيبريّ بعشرة آلاف (?).

قال أبو جعفر: فلما رأت الشيعة ضَعْفَه اغتمزوا فيه، واجترؤوا عليه وطعنوا فيه ودعوْا إلى عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر، وكان الذي ولي ذلك هلال بن أبي الورد مولى بني عجل، فثاروا في غوغاء الناس حتى أتوا المسجد، فاجتمعوا فيه وهلال القائم بالأمر، فبايعه ناس من الشيعة لعبد الله بن معاوية، ثم مضوا من فَوْرهم إلى عبد الله، فأخرجوه من دار الوليد بن سعيد؛ حتى أدخلوه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015