القصر، وحالوا بين عاصم بن عمر وبين القصر، فلحق بأخيه عبد الله بالحِيرة، وجاء ابنَ معاوية الكوفيون فبايعوه، فيهم عمر بن الغضبان بن القبعثريّ ومنصور بن جمهور وإسماعيل بن عبد الله القسريّ ومَن كان من أهل الشام بالكوفة له أهل وأصل، فأقام بالكوفة أيامًا يبايعه النالس، وأتتْه البَيْعة من المدائن وفَمِ النيل، واجتمع عليه الناس، فخرج يريد عبد الله بن عمر بالحيرة، وبرز له عبد الله بن عمر فيمن كان معه من أهل الشام، فخرج رجل من أهل الشام يسأله البِراز، فبرز له القاسم بن عبد الغفار، فقال له الشاميّ: لقد دعوتُ حين دعوت، وما أظنّ أن يخرج إليّ رجل من بَكر بن وائل، والله ما أريد قتالَك، ولكن أحببتُ أن ألقى إليك ما انتهى إلينا؛ أخبرك أنه ليس معكم رجل من أهل اليمن؛ لا منصور ولا إسماعيل ولا غيرهما إلا وقد كاتب عبد الله بن عمر، وجاءته كتب مضَر، وما أرى لكم أيها الحيّ من ربيعة كتابًا ولا رسولًا، وليسوا مواقعيكم يومكم حتى تُصْبِحوا فيواقعوكم، فإن استطعتم ألّا تكون بكم الحزّة فافعلوا، فإني رجل من قَيْس، وسنكون غدًا بإزائكم؛ فإن أردتم الكتاب إلى صاحبنا أبلغتُه، وإن أردتم الوفاء لمن خرجتم معه فقد أبلغتكم حالَ الناس، فدعا القاسم رجالًا من قومه، فأعلمهم ما قال له الرجل؛ وأنّ ميمنة ابن عمر من ربيعة، ومضر ستقف بإزاء ميسرته وفيها ربيعة، فقال عبد الله بن معاوية: إنَّ هذا علامة ستظهر لنا إن أصبحنا؛ فإن أحبّ عمر بن الغضبان فليلقَني الليلة؛ وإن منعه شغل ما هو فيه فهو عذْر، وقلْ له: إني لأظن القيسيّ قد كذب، فأتى الرّسول عمرَ بذلك، فردّه إليه بكتاب يُعلِمه أن رسولي هذا بمنزلتي عندي، ويأمره أن يتوثّق من منصور وإسماعيل، وإنما أراد أن يعلمهما بذلك. قال: فأبى ابنُ معاوية أن يفعَل، فأصبح الناس غادين على القتال، وقد جعل اليمن في الميمنة ومضر وربيعة في الميسرة، ونادى مُنادٍ: من أتى برأس فله كذا وكذا، أو بأسير فله كذا وكذا، والمال عند عمر بن الغضبان.
والتقى الناسُ واقتتلوا، وحمل عمر بن الغضبان على ميمنة ابن عمر فانكشفوا، ومضى إسماعيل ومنصور من فَوْرهما إلى الحيرة ورجمتْ غوغاء النالس أهلَ اليمن من أهل الكوفة، فقتلوا فيهم أكثر من ثلاثين رجلًا، وقُتل الهاشميّ العباس بن عبد الله زوج ابنة الملاة.