قَطَن الحارثيّ على أهل اليمن، فشدّ عليه الأصبغ بن ذؤالة الكلبيّ في أهل الشام، فانهزم خالد وأهل الكوفة وأمسكت نزار عن نزار ورجعوا، وأقبل خمسون رجلًا من الزّيدّية إلى دار ابن محرز القرشيّ يريدون القتال، فقتِلوا ولم يقتل من أهل الكوفة غيرهم.

قال: وخرج ابن معاوية من الكوفة مع عبد الله بن عباس التميميّ إلى المدائن، ثم خرج منها فغلب على الماهين وهَمَذان وقومِس وأصبهان والرّيّ، وخرج إليه عبيد أهل الكوفة، وقال:

فلا تَرْكَبَنَّ الصنيعَ الذي ... تَلُومُ أخاكَ على مثله

ولا يُعْجِبَنّكَ قَول امْرئٍ ... يخالف ما قال في فعله

وأما أبو عبيدة معمر بن المثنَّى؛ فإنه زعم أن سبب ذلك أن عبد الله والحسن ويزيد بن معاوية بن عبد الله بن جعفر قدموا على عبد الله بن عمر؛ فنزلوا في النَّخَع، في دار مولى لهم، يقال له: الوليد بن سعيد، فأكرمهم ابن عمر وأجازهم، وأجرى عليهم كلّ يوم ثلثمئة درهم، فكانوا كذلك حتى هلَك يزيد بن الوليد، وبايع الناس أخاه إبراهيم بن الوليد، ومن بعده عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك، فقدِمت بيعتهما على عبد الله بن عمر بالكوفة، فبايع الناس لهما، وزادهم في العطاء مئة مئة؛ وكتب بيعتهما إلى الآفاق، فجاءته البيعة، فبينا هو كذلك؛ إذ أتاه الخبر بأنّ مروان بن محمد قد سار في أهل الجزيرة إلى إبراهيم بن الوليد، وأنه امتنع من البيعة له، فاحتبس عبد الله بن عمر عبد الله بن معاوية عنده، وزاده فيما كان يجري عليه، وأعدّه لمروان بن محمد إن هو ظفر بإبراهيم بن الوليد ليبايع له؛ ويقاتل به مَرْوان؛ فماج الناس في أمرهم، وقرب مَرْوان من الشام، وخرج إليه إبراهيم فقاتله مروان، فهزمه وظفر بعسكره وخرج هاربًا، وثبت عبد العزيز بن الحجاج يقاتل حتى قتِل، وأقبل إسماعيل بن عبد الله أخو خالد بن عبد الله القسريّ هاربًا حتى أتى الكوفة؛ وكان في عسكر إبراهيم، فافتعل كتابًا على لسان إبراهيم بولاية الكوفة، فأرسل إلى اليمانية، فأخبرهم سرًا أنَّ إبراهيم بن الوليد ولّاه العراق، فقبلوا ذلك منه، وبلغ الخبرُ عبدَ الله بن عمر فباكره صلاةَ الغداة، فقاتله مِن ساعته، ومعه عمر بن الغَضْبان؛ لما رأى إسماعيل ذلك - ولا عهد معه وصاحبه الذي افتعل العهد على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015