أصبحت، فأقبلتْ، فلمَّا رآها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - تصوّب من العَقَنْقل - وهو الكثيب الذي منه جاؤوا إلى الوادي - قال: اللهمّ هذه قريش قد أقبلت بخُيَلائها وفخرها تُحادُّك وتُكذّب رسولَك؛ اللهُمَّ فنصرَك الذي وعدتَني؛ اللهم فأحْنِهِم الغَداة!
وقد قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ورأى عتبة بن ربيعة في القوم، على جمل له أحمر-: إن يكنْ عندَ أحد من القوم خيرٌ؛ فعند صاحب الجمل الأحمر؛ إن يُطيعوه يَرشُدُوا. وقد كان خُفاف بن إيماء بن رَحَضَة الغِفاريّ -أو أبوه إيماء بن رَحَضة - بعث إلى قريش حين مَرُّوا به ابنًا له بجزائر أهداها لهم، وقال: إن أحببتم أن أمِدّكم بسلاح ورجال؛ فَعلنا، فأرسلوا إليه مع ابنه: أنْ وصلتْك الرّحم! فقد قضيت الذي عليك؛ فلَعمري لئن كنّا إنما نقاتل الناس؛ ما بينا ضعفٌ عنهم؛ ولئن كنا نقاتل الله -كما يزعم محمد- فما لأحد بالله من طاقة.
فلمّا نزل الناس، أقبل نفر من قريش؛ حتى وردوا حوضَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيهم حَكِيم بن حِزام، على فرس له، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دعوهم؛ فما شرب منهم رجل إلا قُتل يومئذ؛ إلَّا ما كان من حَكِيم بن حزام، فإنَّه لم يُقتل؛ نجا على فرس له يقال له الوجيه، وأسلم بعد ذلك، فحسن إسلامه؛ فكان إذا اجتهد في يمينه قال: لا والذي نجَّاني يوم بدر (?)! (2: 440/ 441).
128 - قال أبو جعفر: وكانت وقعة بدر يوم الجمعة صبيحة سبع عشرة من شهر رمضان، كما حدَّثنا ابنُ حميد، قال: حدَّثنا سَلمة، قال: قال محمد بن إسحاق؛ كما حدَّثني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين. وحدثنا ابن حُميد، قال: حدَّثنا سلَمة، قال: قال محمد بن إسحاق: وحدَّثني حَبَّان بن واسع بن حَبَّان بن واسع، عن أشياخ من قومه، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عدَّل صفوفَ أصحابه