وهو يتلو كتاب ربه، وفيه قوله تعالى: {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}.
عباد الله! هناك نوع من الإيمان تجرى عليه الأحكام، وتقسم به المواريث، ولكنه لا يمنح صاحبه سعادة في الدنيا، ولا ينفعه في الآخرة، ذلكم هو إيمان المنافقين والمرائين الذين يظهرون للناس خلاف ما يبطنون.
أما الإيمان الذي يحقق لأصحابه السعادة في الدنيا والفوز في الآخرة، فهو الإيمان الحق، الذي يتفق الظاهر فيه مع الباطن، وهذه علمها وحكمها عند علام الغيوب، وسوف يكشف المخبوء، يقول سفيان الثوري، وابن المبارك رحمهما الله: «الناسخ عندنا مؤمنون في المواريث والأحكام، ولا ندري كيف هم عند الله عز وجل» (?).
فإياك إياك يا عبد الله! أن تغتر بستر الله عليك، وإياك أن تتخذ من غفلة الناس عن حقيقتك مزيدًا من التمادي في المخادعة والنفاق والسير في طريق الضلال؟
إخوة الإسلام! وفي حال غُربة الإسلام تتغير المفاهيم، وتختل الموازين، ويظن أقوامٌ أن مجرد تصدىق اللساني يكفي للإيمان حتى وإن كان القلب شاكًا فاسدًا، وحتى لو كانت الجوارح تعبُّ من الفساد عبًا، وحتى وإن ضيعت الواجبات، وانتهكت المحرمات.
ذلكم فكر الإرجاء، ومعتقد المرجئة: أنه لا يضر مع الإيمان معصية. وعكسهم الخوارج الذين يكفِّرون بالكبيرة.