ما يقع فيه من الخير والشر بمشيئته وإرادته، كونًا وقدرًا، أو شرعًا ودينًا، ومتقررٌ عند العلماء أن معنى التوحيد: «أن يشهد صاحبه قيومية الرب تعالى فوق عرشه، يُدبر أمر عباده وحده، فلا خالق ولا رازق، ولا معطي ولا مانع، ولا مميت ولا محيي، ولا مدبر لأمر الملك- ظاهرًا وباطنًا- غيره، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، لا تتحرك ذرة إلا بإذنه، ولا يجري حادث إلا بمشيئته، ولا تسقط ورقة إلا بعلمه، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات، ولا في الأرض، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا أحصاها علمه وأحاطت بها قدرته، ونفذت بها مشيئته واقتضتها حكمته» (?).

أيها الناس أن امتلاء القلب بهذه الحقيقة الكبرى لا يدعو إلى الكسل والتواكل والتراخي والتقصير في آداء الطاعات والواجبات .. اعتمادًا على التقدير الأزلي، والربوبية الشاملة لحركة هذا الكون ومن فيه، فذلك فهمٌ سلبي لمعنى التوحيد. وإنما يدعو التوحيد الحق إلى العبودية الحقة المشتملة على الطاعة والتسليم، والقيام بحقوق الخالق من المحبة والتعظيم وإفراده بالألوهية والعبادة الخالصة، وانشراح الصدر لفعل المأمور والبعد عن المحظور.

إن التوحيد الحق دعامة الإيمان، والإيمان الحق قول القلب، وهو اللسان، وعمل القلب، وعمل الجوارح ..

وبالإيمان والتوحيد يستشعر المؤمن السعادة الحقة في الدنيا، قبل أن يصل إلى السعادة الكبرى حين يلقى الله، وهو راضٍ عنه. يعمل المسلم جهده في سبيل الخير، وإن كانت الأمور مقدرةً في علم الله من قبل، فهو لا يعلم قدر الله من جانب، وهو من جانب آخر يعمل بوصاية المصطفى صلى الله عليه وسلم: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له .. ».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015