دورهم، وهم معهم لا يفارقونهم، فاستعدوا لهم، وتحرزوا منهم، قال تعالى: {مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ} (?) إي ما كان الله ليذركم على ما أنتم عليه من التباس المؤمنين بالمنافقين، حتى يميز أهل الإيمان من أهل النفاق- كما ميزهم بالمحنة يوم أحد- وما كان الله ليطلعكم على الغيب الذي يميز به بين هؤلاء وهؤلاء، فإنهم متميزون في غيبه وعلمه، وهو سبحانه يريد أن يميزهم تميزًا مشهودًا، فيقع معلومه الذي هو غيب شهادةً .. وإن كان من يجتبي من رسله يطلعهم على ذلك (?).
إخوة الإسلام، وكذلك ينبغي أن تكون الشدائد والمحن في كل زمان فضلاً لتمييز المؤمنين، وفضح المنافقين.
ومن الحكم الجليلة التي ذكرها ابن القيم، رحمه الله، لهذه الغزوة، وهي صالحة للاستفادة منها في كل نازلة ومحنة تقع بالمسلمين:
استخراج عبودية أوليائه وحزبه في السراء والضراء، وفيما يحبون ويكرهون، وفي حال ظفرهم وظفر أعدائهم بهم، فإذا ثبتوا على الطاعة والعبودية فيما يحبون وما يكرهون فهم عبيده حقًا، وليسوا كمن يعبد الله على حرف واحد من السراء والعافية (?).
ومن هذه الحكم: (إن الله، سبحانه، إذا أراد أن يهلك أعداءه ويمحقهم، قيض لهم الأسباب التي يستوجبون بها هلاكهم ومحقهم، ومن أعظمها، بعد