كفرهم، بغيهم وطغيانهم، ومبالغتهم في أذى أوليائه ومحاربتهم، وقتالهم، والتسلط عليهم، فيتمحص بذلك أولياؤه من ذنوبهم وعيوبهم، ويزداد بذلك أعداؤه من أسباب محقهم وهلاكهم، وقد ذكر سبحانه وتعالى ذلك في قوله: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (139) إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} (?).
ألا ما أعظم هذه الحكم، وما أحوج المسلمين إلى تذكر هذه العبر، وقد وردت روايات تفيد الصلاة على شهداء أحد لكنها لا تقوى على معارضة أحاديث نفي الصلاة عليهم، فكلها متكلم فيها، وقد دفق الاثنان والثلاثة في قبر واحد، وحمل بعضَ الشهداء أهلوهم ليدفنوهم في المدينة فأمرهم الرسول، صلى الله عليه وسلم، بدفنهم في أماكن استشهادهم بأحد.
ولما انتهى من دفن الشهداء صف أصحابه، وأثنى على ربه فقال: «اللهم لك الحمد كله، اللهم لا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لما أضللت، ولا مضل لمن هديتَ، ولا معطي لما منعتَ، ولا مانع لما أعطيتَ، ولا مقرب لما باعدتَ، ولا مباعد لما قربتَ، اللهم ابسط علينا من بركاتك، ورحمتك، وفضلك، ورزقك، اللهم إني أسألك النّعيم المقيم لا يحول ولا يزول، اللهم إني أسألك النعيم يوم العيلة (أي الفاقة)، والأمن يوم الخوف، اللهم عائذ بك من شر ما أعطيتنا ومن شر ما منعت، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم توفَّنا مسلمين وأحينا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا