الحمدُ لله ربِّ العالمين، لهُ الكبرياءُ في السماواتِ والأرضِ وهو العزيزُ الحكيم، وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} (?)، {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (?)
وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدهُ ورسولُه وخِيرَتُه منْ خلقِه، اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ عليهِ وعلى سائرِ الأنبياءِ والمرسلين.
أيها المسلمون: الكونُ كلُّه بمخلوقاتِه العظمى، وبأحيائه مِنَ الإنسِ والجنِّ والحيوانِ والطيرِ، وبجَماداتِهِ مِنَ الشَّجرِ والحجَرِ والماءِ والزروعِ والثمار، وعالمُ السماءِ بما فيها منْ ملائكةٍ غلاظٍ أشداءَ، وأحياءَ أخرى كلُّ ذلك برهانٌ على عظمةِ الخالقِ، فتباركَ اللهُ أحسنُ الخالقين.
إخوةَ الإيمان: والقرآنُ الكريمُ- لمَنْ تأمَّلَ- يأخُذُنا في جولاتٍ تُعمِّقُ الإيمانَ وتزيدُ في اليقين، نرتادُ آفاقَ السماءَ، ونجولُ في جنَباتِ الأرض، تَقِفُ بنا آياتُ القرآنِ الكريمِ عندَ زهراتِ الحقولِ وجنانِ الأرض، ثم تصعدُ بنا إلى النجومِ في مداراتها وتَسْبحُ بنا عالمِ البحارِ بأعماقِها ومخلوقَاتها، ثمَّ تطوفُ بنا حولَ أنفسِنا وعظيمِ خلْقِها ودقَّةِ تكوينها؛ مشعرةً إيانا بعظمةِ الله وعبوديةِ الكون له.