شعاع من المحراب (صفحة 2697)

وقال عبدُ الله بنُ المبارَكِ عن الحسن البصريِّ -رحمهما اللهُ-: قال رجلٌ لأخيه: هل أَتاكَ أنك واردٌ النار؟ قال: نعم، قال: أتاك أنك صادرٌ عنها؟ قال: لا، قال: ففيمَ الضحك؟ قال: ما رُئِيَ ضاحكًا حتى لَحِقَ بالله (?).

أين نحنُ من قومٍ صَحِبُوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وجاهدوا في سبيل الله، ثم هم يخافونَ سوءَ الحساب، فقد ذُكِرَ أن عبدَ الله بنَ رَوَاحةَ رضي الله عنه وضعَ رأسَه على حِجر امرأتِه فبكى، فبكتِ امرأتُه، قال لها: ما يُبكيكِ؟ قالت: رأَيتُكَ تبكي فبكيتُ، قال: إني ذكرتُ قولَ الله عز وجل: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} فلا أدري أَنجُو منها أم لا (?).

يا عبدَ الله، أين اليقينُ بلقاءِ الله؟ وأين شواهدُ اليقينِ من الخوفِ والرجاءِ والصدقِ والإخلاص، والرغبةِ في الآخرةِ والزهدِ في الدنيا، أو على الأقلِّ في الاكتفاءِ منها بالحلالِ دونَ الحرام -إنَّ الحساب عسيرٌ، ومن نُوقِشَ الحسابَ عُذِّب، والميزانُ عدلٌ -ولا يظلِمُ ربُّكَ أحدًا- والموقفُ رهيبٌ، والشهودُ منكَ عليك .. فلا مَحيصَ ولا إنكارَ، أخرج مسلمٌ وغيرُه من حديث أبي سعيدٍ وأبي هريرةَ رضي الله عنهما قالا: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يلقى العبدُ ربَّه، فيقول اللهُ: ألم أكرِمْكَ وأُسوِّدْكَ وأزوجْكَ؟ وأسخِّرْ لك الخيلَ والإبلَ، وأَذَرْكَ ترأَسُ وترَبَعُ؟ فيقول: بلى أيْ ربِّ، فيقولُ: أظننتَ أنكَ مُلاقِيَّ؟ فيقول: لا، فيقال: إني أنساكَ كما نَسِيتَني، ثم يلقى الثانيَ فيقولُ له مثلَ ذلك، ثم يلقى الثالثَ فيقولُ له مثلَ ذلك، فيقول: آمنتُ بكَ وبكتابِكَ وبرسولِكَ وصلَّيتُ وصمتُ وتصدقتُ، ويُثْنِي بخيرٍ ما استطاعَ، فيقولُ: ألا نبعثُ شاهدَنا عليك؟ فيفكِّرُ في نفسِه مَن الذي يشهدُ عليَّ، فيُختَمُ على فيهِ، ويقال لفخذِه: انطِقي، فتنطقُ فخذُه وفمُه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015