"فلا يقصر بالرجل العالي القدر عن درجته، ولا يرفع متضع القدر في العلم فوق منزلته -بل ينزل الناس منازلهم- ويعطى كل ذي حقٍ فيه حقه، وينزل منزلته، وقد ذكر عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ننزل الناس منازلهم -هذا تعليق بصيغة التمرير، وذكر عن عائشة، والحديث رواه أبو داود بلفظ: ((أنزلوا الناس منازلهم)) والحديث عند أبي داود أيضاً ضعيف، للانقطاع بين ميمون بن أبي شبيب وعائشة، فقد صرح أبو داود في سننه بأنه لم يدركها، وذكره الحاكم في علوم الحديث دون إسناد وصححه، وذكره النووي في رياض الصالحين جازماً به، وحسنه السخاوي في المقاصد، المقصود أن الحديث كثرة طرقه تدل على أن له أصلاً، وإن ضعفت مفرداتها.

"أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ننزل الناس منازلهم" ورواية أبي داود: ((أنزلوا الناس منازلهم)) فدل على أن قول الصحابي: "أمرنا رسول الله" بمنزلة قوله -عليه الصلاة والسلام-: (افعلوا) خلافاً لمن يقول: إنه لا يحتج بقوله: (أمرنا) حتى يذكر اللفظ النبوي، لاحتمال أن يسمع كلام يظنه أمر، وفي الحقيقة ليس بأمر، يسمع كلام يظنه نهي، وفي الحقيقة ليس بنهي، لكن هذا الكلام مردود، لا شك أن هذا الكلام مردود؛ لأن الصحابة إذا خفيت عليهم مدلولات الألفاظ الشرعية إذاً تبين وتتضح لمن؟ من يعرف مدلولات الألفاظ الشرعية إذا لم يعرفها الصحابة؟ هذا القول لا شك أنه مردود.

"مع ما نطق به القرآن من قول الله تعالى: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [(76) سورة يوسف]، وعلى نحو ما ذكرنا من الوجوه نؤلف ما سألتَ من الأخبار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأما ما كان منها عن قومٍ هم عند أهل الحديث متهمون أو عند الأكثر منهم فلسنا نتشاغل بتخريج حديثهم -هؤلاء هم الطبقة الرابعة عند القاضي عياض، وهم الطبقة الثالثة عند النووي.

طالب: الثالثة عند مسلم أو عند النووي؟

الثالثة عند مسلم، النووي أخذه من كلام مسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015