"فأما ما كان عند قومٍ هم عند أهل الحديث متهمون -النووي نظر إلى صريح كلامه في المقدمة، وعياض نظر إلى واقع الكتاب، والنووي نظر إلى أنهم ثلاثة أقسام كما نطق بذلك، والقاضي عياض جعلهم أربعة أقسام من فهمه للمقدمة ومن واقع الكتاب؛ لأنه جعل الرواة على أربعة أقسام واقعهم على أربعة أقسام، فمثلاً: منصور بن معتمر ومن معه ممن هو الغاية في الحفظ والضبط والإتقان، وقل مثلهم: ابن عون وأيوب السختياني طبقة، دونهم عوف بن أبي جميلة وأشعث الحمراني، ودونهم عطاء بن السائب ويزيد بن أبي زياد والليث بن أبي سيلم، ودونهم طبقة رابعة هم المتهمون: كعبد الله بن مسور المدائني، وإلى من ذكرهم.

لكن النووي جعل مثل أيوب وابن عون مع عوف بن أبي جميلة طبقة واحدة، وإن كان دونهم في المنزلة، وجعل عطاء بن السائب وليث بن أبي سليم طبقة وجعل هؤلاء المتركون طبقة فصاروا ثلاث، ولا شك أن كلام النووي محتمل باعتبار أنه مزج الطبقتين الأولى والثانية فجعلهما طبقة واحدة، وأما الثالثة أفردها وهي دونهم، وفيهم كلام، وأما الطبقة الرابعة جعلها ثالثة وهم من أكثر أهل الحديث على اتهماهم.

"فأما ما كان عن قومٍ هم عند أهل الحديث متهمون أوعند الأكثر منهم فلسنا نتشاغل بتخريج حديثهم، كعبد الله بن مسور أبي جعفر المدائني، وعمرو بن خالد، وعبد القدوس الشامي، ومحمد بن سعيد المصروب، وغياث بن إبراهيم، وسليمان بن عمرو بن أبي داود النخعي، وأشباههم ممن اتهمَ بوضع الحديث وتوليد الأخبار -فالمتهم بوضع الأحاديث، وتوليد الأخبار هؤلاء ضعفهم شديد، فلا يعرج عليهم الإمام مسلم، ومفهوم هذا الكلام أنه قد يخرج لمن ضعّف بما دون ذلك، وهو محل الخلاف بين النووي والقاضي عياض، النووي فهم أنه لا يخرج لمن ضعّف، ولو لم يكن تضعيفه إلى حد الاتهام، والقاضي عياض يقول: قد يخرّج، فنظر إلى هذا الكلام وجعله له مفهوم، جعل له مفهوم أنه يخرج من دون هؤلاء في الضعف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015