القاضي عياض يرى أنه استوعب حديث الطبقات الثلاث، ورد أحاديث الطبقة الرابعة، وعلى كلٍ يتفق كلام النووي والقاضي عياض في الطبقة الأولى الذين هم الثقات الضابطون المتقنون، والطبقة الثانية أيضاً، وأما الثالثة التي جعلها القاضي عياض رابعة -الضعفاء والمتروكون- فهؤلاء أيضاً يتفقان على أنه لم يخرج لهم شيء.

الكلام فيمن ضُعف ممن لم يذكره النووي وذكره القاضي عياض، فجعله مرتبة أو طبقة بين الثانية والرابعة.

فهؤلاء أدخلهم القاضي عياض، ولا شك أن واقع الكتاب فيه من مُس بضرب من التجريح الخفيف ممن انتقى الإمام مسلم من أحاديثهم ممن لا مطعن في كتابه بسببهم؛ لأن الانتقاء معروف عند أهل العلم، واختبار أحاديث الراوي معروف، وقبول بعض أحاديثه دون بعض أيضاً معروف.

وطرح الرابعة كما نص عليه، فالحاكم تأول أنه إنما أراد أن يفرد لكل طبقة كتاباً، ويأتي بأحاديها خاصة مفردة، وليس ذلك مراده، بل إنما أراد بما ظهر من تأليفه وبان من غرضه أن يجمع ذلك في الأبواب، ويأتي بأحاديث الطبقتين، فيبدأ بالأولى ثم يأتي بالثانية على طريق الاستشهاد والإتباع حتى استوفى جميع الأقسام الثلاثة، ويحتمل أن يكون أراد بالطبقات الثلاث الحفاظ ثم الذين يلونهم والثالثة هي التي طرحها، وكذلك علل الحديث التي ذكر ووعد أنه يأتي بها قد جاء بها في مواضعها.

نعم الإمام مسلم له إشارات دقيقة خفية في أثناء الأحاديث يعلل بها بعض الأحاديث، ويقول: وكذلك علل الحديث التي ذكر ووعد بأنه يأتي بها قد جاء بها في مواضعها من الأبواب من اختلافهم في الأسانيد، كالإرسال والإسناد والزيادة والنقص، وذكر تصاحيف المصحفين، وهذا يدل على استيفائه غرضه في تأليفه، وإدخاله، وأشار إلى ذلك، أشار إلى أنه يشير إلى هذه العلل في ثنايا الكتاب، وهنا في مثال في الصحيح، في صفحة (217) من الجزء الثاني من النووي، في أواخر الجزء الثاني من النووي ذكر علة ظاهرة ما هي بخفية، أما الإشارات فحدث ولا حرج في تصرفاته -رحمه الله-، أشار في حديث شريك في الإسراء فقال: وساق الحديث بقصته نحو حديث ثابت البناني، وقدم فيه شيئاً وأخر وزاد ونقص، هذه تصريح، وأما الإشارات فكثيرة جداً في كلامه -رحمه الله-.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015