من اختلافهم في الأسانيد كالإرسال والإسناد والزيادة والنقص وذكر تصاحيف المصحفين، وهذا يدل على استيفائه غرضه في تأليفه وإدخاله في كتابه كلما وعد به.

قال القاضي -رحمه الله-: وقد فاوضت في تأويلي هذا ورأيي فيه من يفهم هذا الباب فما رأيت منصفاً إلا صوبه؛ وبان له ما ذكرت، وهو ظاهر لمن تأمل الكتاب وطالع مجموع الأبواب، ولا يعترض على هذا بما قاله بن سفيان صاحب مسلم أن مسلماً أخرج ثلاثة كتب من المسندات -يعني صنف ثلاثة كتب- أحدها هذا الذي قرأه على الناس والثاني يدخل فيه عكرمة وابن إسحاق صاحب المغازي وأمثالهما، والثالث يدخل فيه من الضعفاء، فإنك إذا تأملت ما ذكر ابن سفيان لم يطابق الغرض الذي أشار إليه الحاكم مما ذكر مسلم في صدر كتابه فتأمله تجده كذلك -إن شاء الله تعالى-.

هذا آخر كلام القاضي عياض -رحمه الله-، وهذا الذي اختاره ظاهر جداً، والله اعلم.

في كلام الحاكم والبيهقي وأن الإمام مسلم خرج أحاديث الطبقة الأولى والثانية، ولم يخرج أحاديث الطبقة الثالثة هذا لا شك أن فيه صيانة للصحيح، من أن يتهم أحداً من رواته بشيء من الضعف، أو يمس واحدٍ منهم بضربٍ من الجرح، واستفاض بين أهل العلم أن رواة الصحيحين قد جازوا القنطرة، لكن إذا نظرنا في واقع الكتاب وجدنا، لكن تخريج الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- لحديث الراوي توثيق عملي لهذا الراوي، وحينئذٍ يكون توثيقه أو يكون تضعيف غيره أو جرح غيره الضعيف هذا الراوي الجرح الخفيف الذي صدر من غير مسلم معارضٌ بتوثيق مسلم وتخريج حديثه له، مع أن مسلم لا يكثر من أحاديث هذا النوع، ولا يذكرهم في الأصول، إنما يذكرهم في الغالب في الشواهد والمتابعات، كما قلنا في المفاضلة بين الصحيحين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015