يعني حديث الطبقة العليا وحديث الطبقة التي تليها، فعادة الأئمة بما في ذلك البخاري ومسلم، يعنون بأحاديث الطبقة الأولى آل الحفظ والضبط والإتقان، ويستوعبون أحاديث هؤلاء، وقد ينزلون إلى أحاديث الطبقة التي تلي هذه الطبقة، فينتقون من أحاديثهم ما وفقوا عليه، فتجد في ترجمة راوٍ خرج له البخاري، أو خرج له مسلم، تجد فيه كلام لبعض أهل العلم، ثم تجد أحد يصحح حديث في سنن أبي داود مثلاً؛ لأنه مروي من طريق راوٍ خرج له البخاري أو مسلم، وما عرف هذا المصحح أن البخاري ومسلم إنما انتقى من أحاديث هذا الراوي ما ووفق عليه، فكونه يقبل في صحيح البخاري لا يعني أنه يقبل في غيره؛ لأن العلماء تكلموا فيه إما مطلقاً أو في روايته عن راوٍ بعينه، فمثل هذا لا بد من التنبه له.

يقول القاضي عياض: ووجدته ذكر في أبواب كتابه حديث الطبقتين الأوليين، وأتى بأسانيد الثانية منهما على طريق الإتباع للأولى والاستشهاد، أو حيث لم يجد في الباب الأول شيئاً.

يعني ما وجد من أحاديث الطبقة العليا شيئاً ينفع في الباب الذي يريد أن يورد فيه الأحاديث التي يستدل بها على الحكم.

وذكر أقواماً تكلم قوم فيهم وزكاهم آخرون، وخرج حديثهم ممن ضعف أو اتهم ببدعة، وكذلك فعل البخاري فعندي أنه أتى بطبقاته الثلاث في كتابه على ما ذكر، ورتب في كتابه وبينه في تقسيمه وطرح الرابعة.

فالطبقات فهم منها النووي أنها ثلاث، وهو قسم الرواة إلى ثلاثة أقسام، وأما الرابعة هذه التي ذكرها القاضي عياض ومثل لها مسلم ببعض الضعفاء والمتروكين، هذه هل هي الطبقة الثالثة كما يدل على ذلك كلام النووي أو الرابعة كما يدل له كلام القاضي عياض؟ فعند النووي ثلاث طبقات: الحفاظ المتقنون، المستورون -من هم دون الأولى بالمنزلة- الضعفاء والمتروكون.

عند القاضي عياض: أربع طبقات: الحفاظ المتقنون، المتوسطون، والضعفاء الذين ضعفوا بما لا يقتضي الرد بالكلية، يعني ضعفوا من قبل أهل العلم -بعض أهل العلم- ووثقهم آخرون، والطبقة الرابعة هم: المتروكون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015