وبعد هذه المقدمة التي ذكر المؤلف رحمه الله فيها الصفات العظيمة للرب جل وعلا على وجه الإجمال، ابتدأ رحمه الله ذكر ما يتعلق بالأصل الأول من أصول الإيمان؛ وهو الإيمان بالله عز وجل فقال: [موصوف بما وصف به نفسه في كتابه العظيم، وعلى لسان نبيه الكريم] .
هذا إثبات للصفات على وجه الإجمال، وهذا المسلك تلاحظه في كلام العلماء في عديد من الكتب والمؤلفات، فإنهم إذا ذكروا العقيدة يذكرون في أول اعتقادهم الإيمان المجمل، أعني: الذي ينتظم كل شيء، والذي لا يخرج عنه شيء، بحيث يكون كالمظلة التي يستظل بها جميع ما جاء من مسائل في هذا الأمر.
ففيما يتعلق بالصفات: يجب على المؤمن أن يؤمن بما وصف الله به نفسه في كتابه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته، وهذا إيمان مجمل يشمل كل ما يتعلق بصفات الله عز وجل مما أدركه الإنسان وعلمه، أو خفي عنه ولم يعلمه، أو أنه لم يتبين له معناه، فهذا هو الإيمان المجمل.
وقد ذكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث جبريل؛ فإن حديث جبريل تضمن الإيمان المجمل الذي يجب على كل أحد.
والإيمان من حيث الإجمال والتفصيل ينقسم إلى قسمين: إيمان مجمل: وهو الإيمان بكل ما جاءت به الرسل.
وإيمان مفصل: وهو الإيمان بتفاصيل ما جاءت به الرسل.
فإذا قال الإنسان كما قال المؤلف رحمه الله: (موصوف بما وصف به نفسه في كتابه، وعلى لسان نبيه الكريم) ، فهذا هو الإيمان المجمل بجميع الصفات، والإيمان بكل ما أخبر الله به عن نفسه، وبكل ما أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم عن ربه.
وأما الإيمان المفصل فهو: أن تعلم بأن الله سميع بصير قدير عليم قوي متين، وأن له وجهاً ويدين، وما إلى ذلك من سائر ما جاء به التفصيل في الكتاب والسنة.
ففي أول عتبات الإيمان يجب على المؤمن أن يؤمن بكل ما أخبر الله به ورسوله، مما يتعلق بالأسماء والصفات وغيرها.
ونحن نتكلم فيما تكلم به المؤلف رحمه الله مما يتعلق بالإيمان بالصفات.
فنؤمن بكل ما أخبر الله به ورسوله مما جاء في الكتاب أو صحت به السنة.