ذكر الشيخ فيما مضى قصة نسبت إلى مالك، وذكر فيها شيئاً من التوسل البدعي الذي لا يمكن أن يكون من مالك رضي الله عنه حينما قال أبو جعفر كما يزعمون: يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فزعموا أن مالكاً قال: ولِم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام يوم القيامة! بل استقبله واستشفع به فيشفعك الله ثم تلا الآية هذه القصة مكذوبة، والشيخ في صدد تفنيدها ونفيها عن مالك وإثبات أنه ورد عن مالك وصح عنه ما يناقضها.
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: [ولكنها مناقضة لمذهب مالك المعروف من وجوه: أحدها: قوله: (أستقبل القبلة وأدعو، أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدعو؟ فقال: ولِم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم)؛ فإن المعروف عن مالك وغيره من الأئمة وسائر السلف من الصحابة والتابعين أن الداعي إذا سلّم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم أراد أن يدعو لنفسه فإنه يستقبل القبلة ويدعو في مسجده، ولا يستقبل القبر ويدعو لنفسه، بل إنما يستقبل القبر عند السلام على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء له.
هذا قول أكثر العلماء كـ مالك في إحدى الروايتين والشافعي وأحمد وغيرهم.
وعند أصحاب أبي حنيفة، لا يستقبل القبر وقت السلام عليه أيضاً.
ثم منهم من قال: يجعل الحجرة عن يساره، وقد رواه ابن وهب عن مالك ويسلّم عليه].