قال رحمه الله تعالى: [فيُحمل قول القائل: أسألك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم على أنه أراد: إني أسألك بإيماني به وبمحبته، وأتوسل إليك بإيماني به ومحبته، ونحو ذلك.
وقد ذكرتم أن هذا جائز بلا نزاع.
قيل: من أراد هذا المعنى فهو مصيب في ذلك بلا نزاع].
ولذلك نجد أن أكثر أهل البدع لا يريدون هذا المعنى، فسائرهم لا يقصدون التوسل بالإيمان به ومحبته إلى الله، إنما يقصدون التوسل بذاته، ولذلك ينادونه ويدعونه من دون الله، فهم فسّروا توسلهم بفعلهم وقولهم، فمن هنا لا يحتاج أن نتكلف أن أغلب أهل البدع لم يريدوا هذا الوجه الصحيح وهو التوسل إلى الله بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم وباتباعه وطاعته فإن هذا أمر مشروع، لكنهم لا يقصدونه؛ لأن فعلهم لا يدل على ذلك، ولو قصدوه لجاز هذا كما ذكر الشيخ.
قال رحمه الله تعالى: [قيل: من أراد هذا المعنى فهو مصيب في ذلك بلا نزاع، وإذا حمل على هذا المعنى كلام من توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد مماته من السلف كما نُقل عن بعض الصحابة والتابعين وعن الإمام أحمد وغيره، كان هذا حسناً، وحينئذ فلا يكون في المسألة نزاع، ولكن كثير من العوام يُطلقون هذا اللفظ ولا يُريدون هذا المعنى، فهؤلاء الذين أنكر عليهم من أنكر، وهذا كما أن الصحابة كانوا يريدون بالتوسل به التوسل بدعائه وشفاعته، وهذا جائز بلا نزاع، ثم إن أكثر الناس في زماننا لا يريدون هذا المعنى بهذا اللفظ].
إذاً: تحصّل عندنا أن للتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم صورتين جائزتين تتفرع عنهما ألفاظ وطرق: الصورة الأولى: التوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم وهو حي، وهذه انتهت بوفاته.
الصورة الثانية: التوسل إلى الله بالإيمان به صلى الله عليه وسلم، وبحبه، واتباعه، والجهاد في سبيل دينه، واقتفاء أثره، وطاعته كل هذه الأعمال الإيمانية التي تتعلق بحق الرسول صلى الله عليه وسلم الديني الشرعي يتوسل بها المسلم بقدر ما يعملها.
إذاً تنحصر التوسلات بالنبي صلى الله عليه وسلم بهاتين الصورتين وتتفرع عنهما ألفاظ وصور عدة، لكن هذا من الأصول التي تجمع التوسل الجائز بالنبي صلى الله عليه وسلم توسل بدعائه وقد انتهى، والتوسل بما يتعلق بحقوقه واتباعه صلى الله عليه وسلم وهذا جائز، والمسلم يتوسل بقدر ما يعمل.