ثم ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم في الخوارج: (أينما لقيتموهم فاقتلوهم)، وهذا من أدلة دقة فقه الشيخ رحمه الله، والشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب فقهه قريب من فقه البخاري في عمق ودقة الاستنباط بعبارة وجيزة وإشارة وجيزة، فسياقه لهذا الحديث على هذا الوجه والاختصار يقصد به أن البدعة أغلظ من كبائر الذنوب، والدليل: أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح قتل الخوارج لبدعهم، ومع ذلك لم يجز قتل أمراء الجور؛ لأن عملهم من أنواع المعاصي وليس من أنواع البدع، فالجور عظيم والظلم عظيم، ومع ذلك أمرنا بألا نقاتل أمراء الجور والظالمين في حين أننا أمرنا أن نقاتل الخوارج؛ لأن الخوارج أصحاب بدعة، ولأن الظلمة وأئمة الجور أصحاب معاصٍ، وهذا دليل على أن البدعة أعظم من المعصية، ولذلك جاز قتل المبتدع ولم يجز قتل صاحب الكبيرة إلا لموجب شرعي.