ولهذا فإن أقسام البدع ثلاثة: القسم الأول: البدع المكفرة، وهي بدع الشرك، والبدع التي تخل بأصول الإسلام الناقضة للدين، أو إنكار المعلوم من الدين بالضرورة، أو الإعراض عن الدين بالكلية، حتى ولو لم يكن في ذلك شيء من الشرك الصريح، فإنه يعد من البدع الكفرية.
والقسم الثاني من البدع: البدع المغلظة التي هي من كبائر الذنوب بل من أعظم الكبائر، والبدع المغلظة هي الأكثر مما يقع فيه كثير من أهل البدع في العصور المتأخرة، والتي منها على سبيل المثال: الموالد البدعية والبناء على القبور، واتخاذ المزارات والمشاهد، والتبرك بما لم يرد الشرع ببركته ونحو ذلك، هذه بدع كبيرة ومغلظة.
والقسم الثالث: بدع صغيرة، يقع فيها أكثر جهلة المنتسبين للبدع إذا لم يقعوا في كبائر البدع، وقد يقع فيها بعض المنتسبين للسنة، مثل: التزام السبحة عند التسبيح، أو التزام شعار معين، أو تقليد الأشخاص، ومثل بعض التصرفات التي تكون عند المآكل وفي الجنائز، فهذه غالباً من أنواع البدع الصغيرة.
إذاً: الشرك هو أعظم أنواع البدع، ولذلك أدخله الشيخ هنا للاستدلال على أن البدع أشد من الكبائر، كذلك الكذب على الله عز وجل وارد في قوله سبحانه: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام:144]، وهو باب واسع يدخل فيه التشريع بما لم يشرعه الله عز وجل، والابتداع أي: إحداث البدع، ونسبة البدع إلى الشرع، والقول بأنها من شرع الله ودينه، كل هذا داخل في الافتراء والكذب على الله.
ثم استدل بقوله عز وجل: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [النحل:25]، فهذا أراد به أن صاحب البدعة مرتكب ذنباً عظيماً، ومما يتحمله صاحب البدعة أنه يتحمل أوزار الذين يقلدونه إلى يوم القيامة.