قال المؤلف رحمه الله تعالى: [لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يحل بذروته ولا يحل بذروته -يعني: أعلى شيء في الإيمان- حتى يكون الفقر أحب إليه من الغنى، والتواضع أحب إليه من الشرف، وحتى يكون حامده وذامه عنده سواء] يعني: الذي يشكرك والذي يشتمك يستويان عندك، إذاً: أنت بلغت ذروة الإيمان، ونحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه، إن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها وكراهية من أساء إليها.
قال ابن مسعود: لو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلباً.
قال عطاء بن أبي رباح: انظر إلى المرآة كل يوم وأخشى أن يسود وجهي من ذنوبي.
وقد عاش عطاء بن أبي رباح وسعيد بن المسيب خمسين سنة من البيت إلى المسجد، ولم يريا قفا مصلٍ طوال خمسين سنة.
قال: [وما منكم إلا ضيف وماله عارية -عارية يعني: أمانة- والضيف مرتحل والعارية مؤداة إلى أهلها، يكون في آخر الزمان أقوام أفضل أعمالهم التلاوم].
أي: أحسن شيء عندهم أنهم يلوم بعضهم بعضاً.
وقد سماهم ابن مسعود الأنتان.
قال: [إذا أحب الرجل أن ينصف من نفسه، فليؤت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه].
أي: أريد أن آخذ من معاملة الناس لي المعاملة التي أحب أن يعاملوني بها.
قال: [من استطاع منكم أن يجعل كنزه في السماء حيث لا يأكله السوس ولا يناله السراق فليفعل، فإن قلب الرجل مع كنزه].
قال: [لا يكن أحدكم إمعة، قيل: وما الإمعة؟ قال: يقول: أنا مع الناس إذا اهتدوا اهتديت وإن ضلوا ضللت، ألا ليوطنن أحدكم نفسه على أنه إن كفر الناس لا يكفر.
اعبد الله لا تشرك به شيئاً وزل مع القرآن حيث زال، ومن جاءك بالحق فاقبل منه وإن كان بعيداً بغيضاً، ومن جاءك بالباطل فاردد عليه وإن كان حبيباً قريباً].
يعني: لو جاءني الحق من عدو أقبله، والباطل إن جاءني من حبيبي أرده؛ لأنه لا داعي له انتهى كلام ابن مسعود رضي الله عنه.