قال المؤلف رحمه الله تعالى: [قال الجنيد: دخلت على شاب فسألني عن التوبة فأجبته، فسألني عن حقيقتها، فقلت: أن تنصب ذنبك بين عينيك حتى يأتيك الموت فقال لي: مه -أي: اسكت- ما هكذا حقيقة التوبة، قلت: فما حقيقة التوبة عندك يا فتى؟! قال: أن تنسى ذنبك، وتركني ومضى، فقلت: القول ما قال الفتى، قال: كيف؟ قلت: إذا كنت معه في حال، ثم نقلني من حال الجفاء إلى حال الوفاء، فذكري للجفاء في حال الوفاء جفاء].
فأنا عندما أكون مع الله في حالة من المعصية فهي حالة جفاء، أي: بيني وبين الله جفاء وبعد، فلما أتوب وأطيع فإن هذه حالة من حالات الوفاء، فهو يخبر أنه لما كان في حالة الجفاء نقله إلى حالة الوفاء، فذكر الجفاء في حالة الوفاء جفاء، يعني: ما دام تائباً فلا يذكر الذنب؛ لأنه عندما يتوب توبة صادقة يمحو الله الذنب فلا تشهد عليك الأرض ولا الجوارح ولا السماء ولا الليل ولا النهار ولا الشمس ولا القمر؛ لأنه لا يوجد ذنب، اللهم تب علينا توبة خالصة نصوحاً يا أكرم الأكرمين! واجعلنا من التائبين، إن ربنا على ما يشاء قدير.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.