فضائل بعض الصحابة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [من كلام عبد الله بن مسعود رضي الله عنه].

كانت أعظم صفة يوصف بها أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول فيه: (من أراد أن يسمع القرآن غضاً كما أنزله جبريل، فليسمعه من عبد الله بن مسعود).

وكما قلنا سابقاً أن العشرة المبشرين بالجنة الذين ذكروا في الحديث هم: (أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأقواهم في دين الله عمر، وأشدهم حياءً عثمان، وأعلمهم بالدين علي، والحق أين ما كان عند سعد بن أبي وقاص وطلحة والزبير بن العوام حواريا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الرحمن بن عوف تاجر من تجار الرحمن، وسعيد بن زيد حبيب من أحباء الرحمن، وأبو عبيدة بن الجراح أمين الله وأمين رسوله).

فهؤلاء هم العشرة المبشرون بالجنة، ولكن ليس معنى ذلك أنهم فقط هم الذين بشروا بالجنة؛ فالجنة اشتاقت إلى عمار بن ياسر؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: (صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة)، فهذا تبشير بالجنة.

وكذلك عندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لـ بلال بن رباح: (يا بلال! كنت أسمع قرع نعليك في الجنة، فماذا كنت تفعل؟) فمعنى هذا أن بلال بن رباح في الجنة.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سبعون ألفاً من أمتي يدخلون الجنة بدون حساب، فقام عكاشة فقال: ادع الله لي أن أكون منهم، قال: أنت منهم يا عكاشة)، فـ عكاشة من أهل الجنة.

وسيدنا عبد الله بن مسعود وإن لم يكن ذكر في حديث العشرة المبشرين بالجنة، لكنه كما نعلم كان نحيف الساقين، فلما صعد إلى الشجرة انكشفت ساقاه، فضحك الصحابة من نحافتهما ودقتهما، فتنبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (أتضحكون من دقة ساقي ابن مسعود! والذي نفسي بيده! إنها في الميزان يوم القيامة أثقل عند الله من جبل أحد).

فسيدنا عبد الله بن مسعود هو الصحابي الوحيد المأذون له بالدخول على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أي وقت، بينما كان أبو بكر وعمر يطرقان الباب أولاً، وينتظران حتى يأذن لهما النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق أنس، أما عبد الله بن مسعود فكان يدق الباب فيفتح له أنس ويدخل من غير أن يؤذن له؛ لأنه مأذون له في الدخول على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل وقت، ولذلك سمي ابن مسعود صاحب سر رسول الله.

يقول عبد الله بن مسعود: سبعون سورة من كتاب الله عز وجل أعلم أين نزلت، في سهل أم في جبل، في مكة أم في المدينة، في ليل أم في نهار؟ وكان عندما يقرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم السورة يحفظها من أول مرة، فقرأ عليه صلى الله عليه وسلم مرة سورة الأنعام، وهي السورة الوحيدة في القرآن من كبار السور التي نزلت دفعة واحدة، فلما قرأها الرسول على ابن مسعود قال: أتستطيع أن تعيدها علي يا ابن مسعود؟ فأعادها كما سمعها.

والحسن البصري من تلاميذ عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن مسعود وسيدنا علي من تلاميذ النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال الشاعر: وكلهم من رسول الله ملتمس غرفاً من البحر أو رشفاً من الديم وعندما نقرأ في كتب الحديث: رواه العبادلة الأربعة، فـ عبد الله بن مسعود أول راو فيهم، وهم: عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، فهؤلاء أعلم العبادلة أو أعلم الصحابة بعد عمر وعلي في الفقه رضي الله عنهم جميعاً.

وعندما تولى سيدنا عمر الإمارة قال: من أراد أن يسأل عن القرآن، فليسأل عبد الله بن مسعود، ومن أراد أن يسأل عن المواريث فليسأل علي بن أبي طالب، ومن أراد أن يسأل عن العلم فليسأل معاذ بن جبل، ومن أراد أن يسأل عن المال فليسألني أنا، فإن الله قد جعلني له خازناً وخاتماً.

وكان عبد الله بن مسعود له زوجة اسمها زينب، فعندما كانت تحب أن تستفتي في مسألة، لا تستفتي عبد الله بن مسعود، بل كانت تذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندما تصل يدخل أنس إلى رسول الله، فيقول له: يا رسول الله! زينب بالباب؟ فيبتسم الرسول ويقول: يا أنس! أي الزيانب؟ لأنه كان يوجد أكثر من امرأة اسمها زينب، فمن ذلك ابنته زينب، وزينب خالة عبد الرحمن بن عوف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015