والمكذب بالقدر إذا كان من الغلاة، وكان من علماء القدرية فإنه يكفر بهذا خاصة إذا أنكر مرتبة العلم والكتابة، فإن من أنكر مرتبة العلم الأزلي لله عز وجل، وأن الله لم يكتب ذلك في اللوح المحفوظ فقد كفر بذلك، وأما من أنكر المرتبتين التاليتين وهما: مرتبة الإرادة ومرتبة الخلق ففيه نزاع كبير جداً بين أهل العلم في تكفيره؛ خلافاً للمرتبتين السابقتين: العلم والكتابة فقد اتفقت كلمة الأمة على تكفير من أنكرهما؛ لأنه ينفي العلم عن الله عز وجل، ويصفه بالجهل، وأن الله تعالى لا يعلم الأمر إلا بعد أن يقع، وأنه لا قدر، وأن الأمر أنف كما ذكرنا مراراً من قبل.
فقوله: (لا يدخل الجنة مكذب بالقدر) هذا التكذيب إن حصل في المرتبة الأولى والثانية فالكلام على إطلاقه، وأنه كافر بالله العظيم مخلد في نار جهنم مع الكافرين، وإذا كان هذا التكذيب منصب على المرتبة الثالثة والرابعة ففيه نزاع مشهور معروف لأهل العلم ذكرناه مراراً من قبل.
فمن كان مستحلاً لهذا العقوق مع قيام الحجة بالدليل عليه، فيسب ويضرب والديه، فإذا قيل له هذا حرام، قال: ليس بحرام، وإذا تلونا عليه آيات وأحاديث تبين حرمة العقوق وأنها كبيرة من الكبائر أنكرها وجحدها؛ فقد كفر بالله عز وجل، وكذلك إذا كان يشرب الخمر ويجحد حرمة ذلك مع قيام الحجة عليه: باجتماع الشروط، وانتفاء الموانع؛ فلا شك أنه يكفر بالله عز وجل.