Q هل عدم معرفة المسلم من النصراني يمنع من إلقاء السلام؟
صلى الله عليه وسلم المسلم له علامات وأمارات تميزه، وشخصية المسلم تختلف عن شخصية الكافر، لكن لو قلنا بعموم البلوى، وأنك في طريق لا تعرف الكافر من المسلم، فألق السلام مادمت في بلد أهله مسلمون، أما إذا كنت في بلد أهله كفار فلا، مثل أن تكون مثلاً ماشياً في روما أو في باريس أو في نيويورك، فالأصل في هذه البلاد الكفر، إذاً: الأصل أن كل من فيها كفار إلا من علمنا أنه مسلم، والأصل في بلاد الإسلام أن من بها على الإسلام حتى نعلم أن هذا كافر، وأنا حقيقة عندما يقابلني قسيس لا يمكن أشك أن هذا قسيس، ولا يمكن أشك أن هذا كافر، ولا يكون عندي في ذلك أدنى شك، ولا يلزم أن يكون أبوه كافراً، بل يمكن أن يكون أبوه من المسلمين، لكن الذي أمامي كافر، وإذا شكيت فأنا جاهل، ونحن قد تكلمنا الآن عن الواقفة، فهل واحد يقول: لا، يمكن أن يكون مسلماً فنظلمه! نحن لا نطالبك بباطنه، نحن طالبناك بالظاهر، هذا الرجل يضع صليباً على صدره، ويلبس السواد -على عينه وعين أهله- حتى ترجع مصر قبطية كما كانت، فيمشي محزوناً ومغموماً ومهموماً من أجل أن تعود مصر بلد قبطية، وهيهات أن ترجع إلى مرادهم، فهذا الرجل كافر بلا شك، قد تبين لي أنه كافر من منظره وعندما أقف مع رجل آخر: ما اسمك؟ قال: أنا جبريل، عزرائيل، ميخائيل، فقد ظهر لي من اسمه أنه كافر.
إذاً: هذا يستثنى من عموم الحديث: (ألق السلام على من عرفت ومن لم تعرف)، فهذا الرجل ظهر لي بأمارات وعلامات.
وانظر إلى الحيلة: من حوالي شهر أيها الإخوة -وهذا شيء عجيب جداً- في مدينة نصر، شخص من الفلاحين جاء من آخر الدنيا ويريد أن يشتري سيارة نوع مرسيدس -لكن انظر فقط إلى الدهاء الشديد والمكر الذي يتمتع به الفلاحون- فسأل عن ثمنها، قالوا له: بخمسة وستين ألف جنيه.
قال: أين صاحب هذه السيارة، قالوا له: ذاك الذي يجلس في الظل، قال: من هذا؟ قالوا له: ذاك الرجل القسيس الذي يجلس هناك.
قال: أهذه له؟ فماذا عمل هذا الرجل؟ لم يذهب إليه، بل دخل حمام المسجد وعمل صليباً بقلم معين على يده، ثم ذهب إليه تحت الظل، وقال له: يا أبانا! أأنت صاحب السيارة؟ قال له: نعم.
قال له: والله إنني رأيت في النوم هذه الليلة أن الرب راضياً عنك! فظل يتكلم ويشير بيده من أجل أن يلفت نظر القسيس إلى يده لرؤية الصليب، قال له: أتريدها؟ قال: نعم، قال له: من أين أنت؟ قال: أنا من مدينة كذا، قال له: أتعرف القديس فلان، قال: نعم، هو حبيبي وكل يوم وهو عندي، وهذا رقم تلفونه اتصل به، قال له: لا داعي، مبروك عليك بخمسة وأربعين! فجاء هذا الرجل وسألني، هل بفعله هذا قد كفر أم لا؟ قلت له: اذهب واسأل القسيس، ثم قلت له: هذه المسألة لو عرضت على عمر لجمع لها أهل بدر.
أرأيت إلى مكر ودهاء هؤلاء الفلاحين، من أجل أن يكسب عشرين ألف جنيه؟! ربما أنه بعد أخذه للسيارة يخرج إلى السوق فيصطدم في السوق ويموت وتذهب السيارة، فلم تبيع دينك؟ أمن أجل عشرين ألف جنيه؟ ومثل هذا كمثل رجل ذهب إلى محل تجاري وهو صاحب صحة أو تموين، فيقول له صاحب المحل التجاري: باختصار أنا سأعطيك مائة جنيه كل شهر وتبعد عني نهائياً ولا تأتي إلي.
فيقول: لا.
أأدخل جهنم من أجل مائة جنيه؟! إذاً بكم تريد دخول جنهم؟ قل لي بكم؟ بمليون؟ هل تكفي؟ تدخل جهنم مقابل مليون جنيه؟ قال له: كم تريد؟ قال له: لا.
زد قليلاً، أي: أنت تعلم أن هذا يُدخل جهنم، وكأنك تقدم على جهنم وأنت تعلم أنها جهنم، فانظروا إلى الناس كيف ابتلوا ببلادة الحس، وخراب العقائد، وصاروا في حالة مزرية لم تمر بالأمة في زمن من الأزمنة، ولا في مكان من الأمكنة أبداً، نسأل الله السلامة والعافية.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.