في بعض الأفراد كالسواك والتسبيح والتهليل، نقول لا يلزم منه ألا يكون المندوب حكما تكليفيا، وبعضهم يرى أن فيه تكليفا ومشقة من جهة ماذا؟ من جهة أن صاحب القلب الحي إذا فاته ثواب المندوب تحسر وتقطع قلبه ألَمًا لفوات هذا الثواب، إذن فيه مشقة أو لا؟ فيه مشقة، لأن المسلم لا يرضى أن يفوته هذا الخير العظيم، كثير من المندوبات قد تكون أكثر من الواجبات وفيها من الثواب والخير العظيم الذي يعود على القلب بالانشراح والخشوع إلى آخره = لا يرضى بفوات هذا الثواب إلا من عنده نقص في إيمانه، وخاصة المضطرب، ولذلك الإمام أحمد يقول: (لا تقبل شهادة تارك الوتر) لماذا؟ لا لكونه واجبا، عند أصحابه أن الوتر لكثرة الأحاديث الدالة على أهميته حتى قال أبو حنيفة بوجوبه (عليه رحمة الله) قال بوجوبه، لا يترك ويعتاد ترك هذه السنة إلا من كان في قلبه مرض، ولذلك لا يعتاد ترك السنن إلا من كان في قلبه مرض، وخاصة إذا كان من طلاب العلم فهذا لا تقبل شهادته كما قال الإمام أحمد، لماذا؟ لأنه لا يترك هذا الفضل العظيم إلا رغبة عنه، وهذا قد يكون فيه خفة بالثواب، هذا الأول، أنه تكليف، وهو مأمور به حقيقةً، اختلفوا هل المندوب مأمور به أو لا؟ نقول: نعم، الأصح أنه مأمور به حقيقة لا مجازا، بدليل ماذا؟ بدليل أنه داخل في حد الأمر، الأمر سيأتينا أنه اللفظ الدال على طلب، والأمر لفظ دال على طلب، لو قال (افعل) ومراد بها الندب: [وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ]، [وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ]، نقول هذا (أشهدوا) دال على طلب ومراد به الندب، ليس واجبا، إذن هو داخل في قوله: (اللفظ الدال على طلب)، كما أن قوله: [وَأقِيمُوا الصَّلاةَ] داخل في قوله (اللفظ الدال على طلب) إذن استوى الندب أو المندوب والواجب في حد واحد، والانقسام الأمري [ .. ]، شاع عند الفقهاء أنهم قالوا الأمر قسمان: أمر إيجاب وأمر استحباب، يعني أمر جازم وأمر غير جازم، وهذا الشائع هو عليه الاعتماد عند الفقهاء والأصوليين، ولذلك قال عمرو بن العاص لمعاوية: "أمرتك أمرا جازما" إذن قيد الأمر بماذا؟ بالجزم احترازا من الأمر غير الجازم، فهذا التقييد دل على أن الأمر نوعان: جازم وغير جازم، إذن أطلق على غير الجازم وهو المندوب أمر، والأصل في الإطلاق الحقيقة.
أمرتك أمرا جازما فأعطيتني.:. وكان من التوحيد قتل ابن هاشم.