إذن ليس بحكم تكليفي، وإذا لم يكن حكما تكليفيا لماذا يفترض في هذا الموضع؟ والأصح أنه حكم تكليفي، لماذا؟ لأن فيه معنى التكليف اللغوي، التكليف في اللغة ماهو؟ ما فيه كلفة ومشقة، ليس فيه إلزام ولا طلب، التكليف في اللغة ما فيه كلفة ومشقة، إذا قلت حد التكليف في الاصطلاح: طلب ما فيه كلفة ومشقة، حينئذ ثبت بالحس أن المندوب فيه كلفة ومشقة، فإذا ثبتت المشقة في المندوب فحينئذ نحكم عليه بأنه حكم تكليفي، ولذلك قيل: (وهو تكليف _أي المندوب_ إذ معناه طلب ما فيه كلفة) بل نص بعضهم أنه قد يكون أشق من الواجب، وهذا مدرك بالحس، قد يكون المندوب أشق من الواجب، الصيام في الصيف هل هو كالصيام في الشتاء؟ أيهما أشق؟ الصيف، قد يكون صوم رمضان موعده في الشتاء، وقد يتنفل ويتطوع المكلف بالصيام في الصيف، أيهما أشق؟ الثاني لا شك، لا شك أن صيام التطوع في الصيف أشد مشقة على المكلف من الصيام في الشتاء ولو كان فرضا، ولو كان صوم رمضان، حينئذ ثبتت المشقة في المندوب، فإذا ثبتت المشقة حينئذ نحكم عليه بأنه حكم تكليفي، قال بعضهم: السواك ليست به مشقة، أليس كذلك؟ فقول (سبحان الله) ليس فيه مشقة، نقول كذلك الواجب بعضه ليس فيه مشقة، كذلك الواجب بعض أفراده ليس فيه مشقة، إذن انتفاء المشقة عن الواجب وهو تكليف بالإجماع لا يلزم منه ارتفاع الحكم التكليفيعنه، أو وصفه بأنه حكم تكليفي، الواجب نقول في الواقع = في الأصل أنه إلزام أو طلب ما فيه كلفة ومشقة، هذا في الواجب، لكن قد يكون بعض آحاد الواجب ليس فيه مشقة، فإذا انتفت المشقة عن بعض آحاد الواجب لا يلزم منه أن يرتفع الحكم التكليفي من جهة الوصف عن الواجب، نقول كذلك المندوب، وجود المشقة هو الأصل فيه وكون بعض المندوبات لا مشقة فيه لا يلزم منه أن يرتفع الوصف بأنه حكم تكليفي، ولذلك عبر الزركشي في تشنيف المسامع قال المراد بالمندوب المشقة، وجود المشقة، جنس المشقة، وإذا كان جنس المشقة حينئذ تصدق في بعض الأفراد دون بعض، وكذلك الواجب، الإنسان قد يكون يصلي أربع ركعات قد لا يجد فيها مشقة، كذلك قد يصوم رمضان كاملا ولا يجد فيه مشقة، والحج كذلك قد لا يجد فيه مشقة، فحينئذ نقول انتفاء المشقة عن الواجب لا يلزم منه ألا يكون حكما تكليفيا، بل الأصل فيه أن فيه مشقة، والأصل في المندوب أن فيه جنس المشقة كما هي في الواجب، فعدم وجودها أو [ .. ]