استفتاؤه ولا خلاف في هذا إذا علمت أن هذا ليس من أهل العلم فتستفتيه نقول هذا لا يجوز ولو تحلى بالشهادات إلى آخره وإن كان مشهوراً في الصحف والمجلات والقنوات إلى آخره هذا لا يكفي أنه من أهل العلم فالشهرة ليست دليلاً على العلم بل قد يكون من أجهل الجاهلين وهو من أشهر المشهورين. فإن جَهِلَ حاله لا تعرف قال لم يسأله فإن جَهِلَ حاله ما يدري هل هو من أهل العلم أو لا ولو أخذ ببعض مظاهر أهل العلم، لم يسأله يعني لا يجوز تقليده لا يجوز سؤاله، وقيل يجوز من جهل حاله لأن العادة جرت بذلك أن من دخل بلداً لا يسال هل هذا عالم هل هذا مشهور بالعلم إنما يسال ويستفتي مباشرة وإنما الصواب الأول، فإن كان في البلد مجتهدون تخيَّر إن لم مُرجح، وقال الخرقي الأوثق في نفسه وهذا أصح الأوثق في نفسه يعني من وُجد في نفسه أو اقتنع في نفسه أن هذا أرجح من هذا ولو اشتركا في العلم والدين لماذا؟ لأن المجتهد أو العامي أُستثني له مسألة واحدة يجتهد فيها وهي هذه يجتهد فيمن يستفتي يستفتي من فيبحث ويستنبط من كلام الناس هل هذا أثق هل هذا أعلم هل هذا عنده دين إلى آخره فيستقر في نفسه أن هذا أعلم من ذاك أوثق من هذا، حينئذ يتعين في حقه ولا يجوز العدول له عن غيره. وقال الخرقي الأوثق في نفسه يعني يجتهد في معرفة الأوثق.
ثم قال رحمه الله تعالى وهذا آخره آخر المختصر الذي اختصره من كتابه المذكور آنفاً، والله تعالى أعلم ختم كتابه برد العلم لله جل وعلا، وهو المُوفق يعين الرب جل وعلا هذا اسم فاعل مشتق من التوفيق لو قيل وبالله التوفيق كان أولى من أن يُقال والله الموفق لأن المُوفق هذا اسم فاعل والأصل فيه على دال على ذات متصفة بوصف وهذا شأن الأسماء والأعلام هذا الأصل لكن إطلاق المصادر والأفعال الواردة في الشرع حينئذ لا باس بها أما أن يشتق من المصدر اسم أو يشتق من الفعل اسم فالأصح أن الأعلام توقيفية أسماء الله تعالى توقيفية، إذاً المُوفق هذا اسم فاعل بكسر الفاء وهو صفة من صفات الله تعالى لا شك أن التوفيق صفة من صفات الله - عز وجل - {إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا} هذا من فعل الله - عز وجل - لكن يُقال يوفق ولو قيل بالمصدر لا بأس لأنه لا يفيد علمية أما الموفق هذا لم يرد، وله الحمد وحده ختم بما بدأ به وهو الوصف أو الثناء على الرب جل وعلا بما يستحقه، وله الحمد أي لا لغيره وحده هذا تأكيد إذاً أفاد هنا الحصر بجهتين من تقديم الجار والمجرور وهو خبر ومن جهة التأكيد بقوله وحده لأنه حال، وصلواته على سيدنا محمد رسوله المصطفى وعلى آله وصحبه وسلامه يعني ختم بما بدأ وهو الصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - لامتثال لقوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} وبهذا نكتفي في هذا القدر واسأل الله الكريم أن يمن علينا وعليكم بالعلم النافع والعمل الصالح وأن يحيينا وإياكم على الإسلام والسنة إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.