الدعاء.
لا يسألون أخاهم حين يندبهم.:. في النائبات على ما قال برهانا.
وفي الاصطلاح نقول: "ما طلب الشارع فعله طلبا غير جازم".
هنا قال: "ما يقتضي الثواب على الفعل، لا العقاب على الترك" وهذا يسمى كما ذكرنا أنه حَدٌّ أو رسمٌ بالثمرة واللازم والحكم، والحكم فرع عن تصور حقيقة الشيء، أن يصور أولا بالحد المقرب للجنس والفصل ثم بعد ذلك يبين حقيقته من جهة الثمرة واللازم، "ما يقتضي الثواب على الفعل" = "ما" يعني فعل ويشمل (فعل المكلف) يشمل الجوارح والقلب واللسان، فهذه الثلاثة مَوْرِدٌ للندب، من الأفعال الظاهرة ما هو مندوب، من أعمال القلوب ما هو مندوب، من أعمال اللسان ما هو مندوب، "يقتضي" يعني يطلب الثواب على الفعل، وعرفنا أن المراد بالثواب هو الجزاء بخير مطلقا، "يقتضي الثواب على الفعل" مطلقا؟ أم لابد من قيدٍ؟ لابد من قيد، وهو امتثالا، لأن العبادة إذا وقعت لا على وجه القربة فليس فيها ثواب، "ما يقتضي الثواب على الفعل" مطلقا سواء كان فعل جوارح على الظاهر أو اعتقاد القلب أو اللسان، "لا العقاب على الترك" إذن لا يقتضي ترك المندوب الوقوع في العقاب، لماذا؟ لأنه مطلوب الفعل لا على وجه الجزم، بخلاف الواجب فإنه مطلوب الفعل مع الجزم، يعني مقطوع به، بحيث رتب الشرع العقاب على الترك، وهنا لا العقاب على الترك، لماذا؟ لأنه مطلوب لا على وجه الجزم والقطع بأن لم يرتب الشارع العقاب على ترك الفعل، قال: "وبمعناه" إذن عرفنا حده من جهة الثمرة وحقيقته من جهة الجنس والفصل، قال: "وبمعناه" يعني بمعنى المندوب "المستحب والسنة والنفل" وهذا مراده أن المندوب له أسماء، يعني ليس مقطوعا في هذا اللفظ، وإنما له أسماء متعددة كلها تتفق على هذا القدر المشترك، وهو ما يقتضي الثواب على الفعل لا العقاب على الترك، وذكر في مختصر التحرير أنه يسمى سنة، يعني المندوب يطلق عليه أنه سنة، ومستحبا وتطوعا ونفلا وقربةً ومرغبا فيه وإحسانا، هذه كلها ألفاظ روعي فيها المعنى اللغوي وأما من جهة الاصطلاح فمصدقها شيء واحد وهو ما طلب الشارع فعله طلبا غير جازم، وإن شئت قل: "ما يقتضي الثواب على الفعل لا العقاب على الترك"، وهذا هو الأصح أن هذه الألفاظ كلها مترادفة، وكثير من أرباب المذاهب المتأخرين يجعلون فروقا بين بعض هذه الأسماء، وكلها فروق فيها تكلف وفيها كثير من المخالفات للشرع أصلا، فحينئذ نقول لا يقيد المندوب بمعنى يفترق به عن السنة، ولا تقيد السنة بمعنى يفترق عن المستحب وهلم جرا، لماذا؟ لأن المسألة عندهم اصطلاح، فإذا اتفقوا على الأصل وهو أن مطلوب الفعل لا على وجه الجزم وهو ما اقتضى الثواب على الفعل لا العقاب على الترك، وهذا القدر كله مشترك بين مدلول هذه الأسماء، فحينئذ نحكم بأنها مترادفة، وجعل أي قيد يزيد على بعض هذه الأسماء حينئذ يكون تقييدا لهذا الحد، والأصل فيه أنه مطلق ولا يزاد عليه إلا ما قد ذكره الأصوليون أنفسهم، فنقول المندوب ما طلب الشارع فعله طلبا غير جازم، سواء أظهره النبي (صلى الله عليه وسلم) في جماعة، سواء أقره في بيته، سواء داوم عليه، سواء ذكر ثوابا محددا، سواء ذكر ثوابا غير محدد، سواء رغب فيه على المنبر، سواء رغب فيه