لا يسألون أخاهم حين يندبهم.:. في النائبات على ما قال برهانا.

إذن المندوب لغة: المدعو لمهم _كما قال الآمِدِيُّ_ من الندب، وهو الدعاء، ومنه حديث: (انتدبَ اللهُ لمن يخرج في سبيله) أي أجاب له طلب مغفرة ذنوبه، (انتدب الله لكذا) أي أجاب.

والمندوب في الاصطلاح إذا عرفنا أنه صفة فعل المكلف حينئذ نعرفه بما عرفنا به الواجب، فنقول: "ما طلب الشارع فعله طلبا غير جازم" (ما) اسم جنس بمعنى الذي، أي اسم موصول بمعنى الذي، وهي جنس، تشمل الأحكام التكليفية الخمسة، (طلب الشارع) خرج ما لا طلب فيه وهو الإباحة، (طلب الشارع فعله) خرج المحرم والمكروه لأن الشارع ترك الترك هنا، (طلبا غير جازم) يعني طلبا غير جازم أي طلبا غير مقطوع به بحيث لم يرتب على تركه العقاب، خرج به الواجب، فالواجب والمندوب يشتركان في طلب الفعل وفي ترتب الثواب على الفعل، ولذلك ولهذه العلة ثنَّى المصنف بعد الواجب بالمندوب، وإلا جماهير الأصوليين عند التصنيف يذكرون أولا الواجب ثم الحرام ثم المندوب ثم المكروه ثم المباح، على هذا التفسير، والمصنف هنا جرى على ما جرى عليه ابن قدامة في الروضة، لذلك قيل إن هذا الكتاب اختصر من الروضة، بدأ بالواجب وثنى بالمندوب وثلث بالمحظور وربع بالمكروه والمباح، نعم ذكر المكروه ثم المباح، ما الفرق بينهما؟ نقول الفرق: بعضهم راعى أن كلا من الواجب والمندوب طلب فعل، بقطع النظر عن كونه جازما أو ليس بجازم، الواجب فيه طلب فعل والمندوب طلب فعل، إذن اشتركا في هذه الحيثية، وزد على ذلك أن الواجب يترتب على فعله ثواب، والمندوب يترتب على فعله ثواب، إذن الأولى أن يثنى بالمندوب بعد الواجب لاشتراكهما في هاتين العلتين ثم يذكر بعد ذلك المحظور والمكروه لاشتراكهما في طلب الترك، وإن افترقا من جهة ترتب العقاب، لأن المحظور يترتب العقاب على فعله، والمكروه لا يترتب العقاب على فعله، إذن بقطع النظر عن العقاب وعدمه يقدم المحظور على المكروه، ويثلث بالمحظور بعد المندوب لاشتراكهما في مجرد الطلب، لماذا؟ لأن المندوب والواجب طلب الفعل، والمكروه والمحظور طلب الترك، بهذه الحيثية رتب المصنف ابن قدامة في الروضة، جماهير الأصوليين ليسوا على هذا الترتيب، وإنما يذكرون الواجب أولا ثم الحرام، لماذا؟ قالوا: لاشتراكهما في صيغة متحدة، وهي الصيغة الجازمة، إذن الواجب طلب جازم، والمحرم طلب جازم، إذن كل منهما طلب جازم بقطع النظر عن كون الواجب طلب فعل والمحرم طلب ترك، لمجرد الجزم نقول الأولى أن يثنى بالمحرم بعد الواجب، لهذه العلة رتب كثير من الأصوليين الحرام بعد الواجب، ثم يذكرون المندوب ثم المكروه، يعني يقدم المندوب على المكروه لاشتراكهما في الصيغة أيضا، ما هي الصيغة؟ عدم الجزم، كل منهما ليس بجازم، يعني مطلوب الترك مطلوب لا على وجه الجزم، المندوب مطلوب لا على وجه الجزم، والمكروه مطلوب لا على وجه الجزم، إذن اشتركا في عدم الجزم مع اختلافهما في كون المندوب مطلوب الفعل والمكروه مطلوب الترك، فهمتم الآن هذا الترتيب؟ نقول هنا رتب باعتبار مطلق الطلب، والجمهور رتبوا باعتبار مطلق الجزم، واضح هذا؟ فنقول المندوب في اللغة هو المدعو لمهم، من الندب وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015