مدلول خطاب الشرع المراد به كما في قوله تعالى " وأقيمو الصلاة " وجوب الصلاة، هذا لفظ ومدلول، كلام مفيد أليس كذلك؟ مدلوله ماذا؟ وجوب الصلاة. ونفسه الكلام هذا دليل الحكم الشرعي عند الفقهاء وليس هو الحكم الشرعي، إذا قيل " وأقيمو الصلاة " نقول هذا دليل، ثبت به وجوب الصلاة. ما الحكم الشرعي عند الفقهاء؟ " أقيموا الصلاة " أم وجوب الصلاة؟ إذن: مدلول خطاب الشرع، ما دل عليه خطاب الشرع، " وآتوا الزكاة " نقول نفس الـ[ .. ] كلام الله عز وجل، هو خطاب مدلوله الذي دل عليه هو وجوب الزكاة. حينئذ عندنا دليل ومدلول، الدليل نفس الخطاب: كلام الله عز وجل، المدلول ما دل عليه الخطاب وهو وجوب الصلاة ووجوب الزكاة. نظر الفقيه إلى المدلول لكون بحث الفقيه في أفعال العباد، في أفعال المكلفين، ولا ينظر إلى الشرع إلا بهذا الارتباط، كل شيء يتعلق بفعل المكلفين يكون هو محلا لبحث الفقيه.
أما الأصوليون فلهم نظرة أخرى. قالوا لا، ليس مدلول خطاب الشرع وهو وجوب الصلاة ليس هو الحكم الشرعي، وإنما الحكم الشرعي هو نفس اللفظ. " أقيموا الصلاة " نفسه اللفظ كلام الله هو الحكم الشرعي، وليس مدلوله. إذن اختلفت العبارات أم لا؟ اختلف النظر أن لا؟ اختلف النظر. عند الأصوليين قد يعترض عليهم بماذا؟ بأن يُقال: اتحد الدليل والمدلول، لماذ؟ لأن دليل وجوب الصلاة هو " أقيموا الصلاة "، وجوب الصلاة ثبت بماذا؟ بقوله " أقيموا الصلاة "، يرد عليهم عند بعضهم أنه اتحد الدليل والمدلول، لكن ليس بصواب هذا، اتحد الدليل والمدلول هذا نقول باختلاف النظرين، أن تفرق بين الحكم الشرعي عند الأصوليين وعند الفقهاء، فإذا علمت أن الحكم الشرعي عند الأصوليين هو نفس الخطاب، حينئذ لا يرد عليهم أنه المدلول، وإذا قلت إن الحكم الشرعي عند الفقهاء هو مدلول خطاب الشرع لا يرد عليهم أيضا ماذا؟ أن " اقيموا الصلاة " هو الحكم الشرعي. وعليه نقول: فرق الأصوليون بين الدليل والمدلول، فقالوا الدليل هو الحكم الشرعي، ولذلك عرفون بأن الحكم الشرعي عندهم هو (خطاب الله المتعلق بفعل المكلف من حيث إنه مكلف به)، وزاد بعضهم (بالاقتضاء أالتقييد أو الوضع).
(خطاب الله) عبر بعضهم بكلام الله، كما قال صاحب المراقي:
كلام ربي إن تعلق بما ... يصح فعلا للمكلف اعلما
من حيث إنه به مكلف ... فذاك بالحكم لديهم يعرف
إذن ثَمَّ فرق بين الأصوليين والفقهاء في تحديد مفهوم الحكم الشرعي.