واستدلوا بقوله تعالى هذه تعليل واستدلوا بقوله تعالى {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} البقرة29، لكم: اللام هذه لام الملكية {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً}، ثم امتن سبحانه بما خلق على وجه الأمر، امتن على العباد {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} هذا امتنان على العباد بخلق ما في الأرض جميعاً، وسبحانه لا يمتن ولا يتمدَّح - عز وجل - بما هو مُحرم على العباد، كيف يتمدَّح وأفتخر بشيء ثم اقل لك لا تمسك هذا الشيء أو لا تأكله؟ هذا ممتنع، وإنما يمتدح ويتمدَّح ويمتن جل وعلا بما استفاد العباد منه حينئذ ظاهر الآية أن ما خُلق من الأعيان أنه مُباح للعباد ولا يُسأل عنه إلا إذا دلَّ دليل، وعليه نقول هذه الآية عامة وتُخصص بكل دليل ينقل الأصل من الإباحة إلى التحريم أو الكراهة. {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم} كل على وجه الأرض من مشروبات ومأكولات ومن ملبوسات الأصل فيه الإباحة والحل، إذا جاء نوع مُعين مُحرم إذا نحتاج إلى دليل يخصه من الأعيان، كذلك قوله {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} الأعراف32، كالآية السابقة، وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - (من أعظم الناس جرماً من سأل عن شيء لم يُحرَّم وحُرِم من أجل مسألته) هذا واضح، (من أعظم الناس جرماً من سأل عن شيء لم يُحرَّم) إذا لم يُحرَم إذاً هو مباح، وحُرِم من أجل مسألته. كذلك حديث ما سكت عنه فهو عفو، إذا الأصل في الأشياء في الأعيان في العقول في الملبوسات المشروبات المأكولات الأصل فيها الإباحة، هذا بعد الشرع، أما قبل الشرع فحينئذ تكون الإباحة عقلية، فعند أبي الخطاب والتميمي الإباحة أي حكمها هو الإباحة، كأبي حنيفة، فلذلك أنكر بعض المعتزلة شرعيته: فلذلك أي لأجل أن الأصل في المسألة فعل إباحة أنكرت المعتزلة أن المباح من الأحكام الشرعية، الإباحة عند الأصوليين عند أهل السنة والجماعة وإذا توسعنا قلنا الأشاعرة معهم وليست بمصطلح صحيح لكن نقول عند الأصوليين أن الإباحة نوعان شرعية وعقلية، عند المعتزلة الإباحة نوع واحد فقط وهي الإباحة العقلية وينكرون الإباحة الشرعية، وهذا خرق للإجماع. وإذا دلت نصوص الكتاب والسنة على ثبوت الإباحة (وأُحل لكم) إلى آخره من الآيات التي وردت كلها تدل على أن الأشياء قد تكون مباحة.