إذاً أنكروا أن المباح من الأحكام الشرعية لأن المباح عندهم له حد خاص ما اقتضى نفي الحرج في فعله وتركه وهذا ثابت قبل الشرع وبعد الشرع، ونقول هذا خرق للإجماع بل المباح حكم شرعي. وعند القاضي وابن حامد وبعض المعتزلة: الحظر .. هذا القول الثاني، إذا في الأعيان المُنتفع بها قولان ذكر المصنف الأول الإباحة والثاني الحظر ويأتي الثالث، الحظر معناه المنع أنه لا يجوز ليأكل أو يشرب حتى يرد دليل على أنه مأذون له هذا الأكل أو الشرب لماذا؟ قالوا لأن هذه المخلوقات ملك لله - عز وجل -، وهذا فيه خلاف؟ ليس فيه خلاف، ما دام ملك لله والتصرف في ملك الغير لا يجوز إلا بإذنه وإثبات قياساً عن الغائب على الشاهد، ما المقصود بالغائب على الشاهد؟ الغائب يعني الله لأنه غيب والشاهد الإنسان الذي، لو كان فيه مثلاً شاة مملوكة لك هل يجوز أن نتصرف فيها؟ لا يجوز هذا تعدي والأصل المنع، قالوا كذلك نقيس الغائب على الشاهد فنمنع أن يُتصَرف في ملك الله إلا بإذنه، نقول هذا قياس فاسد لأن الشاهد لا يتضرر، لو تصرفت في سيارة شخص وأخذتها هل تضرر أو لا؟ تضرر، لكن الله - عز وجل - غني - عز وجل -، هذا القياس نقول فاسد وهو مُصادم للأدلة السابقة، إذاً يُرد بثبوت الإباحة وإذا ثبتت الإباحة شرعاً يُرد ما ثبت بالعقل ثم نقول نفس القياس هذا الذي قستموه الغائب عن الشاهد فاسد. لثبوت الفارق وهو أن الشاهد يتضرر إذا تُصرف في ملكه بغير إذنه بخلاف الرب - عز وجل - فإنه غني حميد.

وتوقف الجزري والأكثرون: هذا القول الثالث في هذه الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع وبعده على ما ذكرناه من قيود، وتوقف معناه أن الحكم متوقف على ورود الشرع بحكمها ولا حكم لها في الحال وليس المراد عدم العلم بأنها محظورة أو مباحة – لا – ليس هو التوقف الذي عند الأصوليين الذي يعتبر حكما، يقول ما حكم كذا؟ يقول أتوقف، يعني لا أدري هل هي حلال أو حرما، نقول لا هذا ليس المراد هنا، المراد أنه أوقف الحكم على الشرع، ثم في الحال، هل نستعمل أو لا نستعمل؟ فيه قولان، بعضهم يرى أن مرد هذا القول إلى الإباحة يعني أقرب إل الإباحة حينئذ يكون القولان متفقين، وبعضهم يرى أنه أقر إلى الحظر وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -. إذا الخلاص في الأعيان المنتفع بها قبل الشرع نقول تصور المسألة هذه ليس على ما أراده المعتزلة وإنما نقول الشرع قبل أن يرد الشرع ثابت قبل شرع محمد - صلى الله عليه وسلم - الشرع والذي قبله إلى بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو باق ثابت، وأما بعد ورود الشرع فحينئذ تلد المسألة التي معنا وفيها ثلاثة أقوال: الإباحة الحظر التوقف، وهذا خلاصة ما ذكره المصنف - رحمه الله تعالى – في الأحكام الشرعية التكليفية وسيأتينا إن شاء الله بعد الأحكام المرئية يوم السبت بإذن الله تعالى وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

} - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - {

طور بواسطة نورين ميديا © 2015