"كان يدركه الفجر، وهو جنب ثم يغتسل ويصوم" يدركه وهذا يدل على أنه يشمل ما إذا كان عامداً أو ناسياً ضاق عليه الوقت أو اتسع عليه الوقت؛ لأن بعض الناس ينتبه قبل أذان الصبح وهو جنب بربع ساعة، يقول: أنا اغتسلت ما مداني أتسحر، هل أتسحر وأغتسل ولو بعد طلوع الصبح، أو أغتسل ثم أتسحر ولو فاتني السحور؟ نقول: لا يا أخي تسحر، ثم تغتسل بعد ذلك، ولو طلع عليك الصبح كفعله -عليه الصلاة والسلام- سواء كنت ناسياً أو عامداً عالماً أو جاهلاً لا فرق، والحجة في هذا واضحة، وفيه تأخير الغسل إلى ما بعد طلوع الفجر، ويقاس على ذلك عند أهل العلم الحائض والنفساء إذا انقطع الدم قبل طلوع الفجر، يصح الصيام ولو لم تغتسل، انقطع الدم قبل طلوع الفجر بربع ساعة، قالت: أتسحر ثم أغتسل كالجنب، لا فرق.
"ثم يغتسل ويصوم" ولو بعد طلوع الفجر.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه)).
الأكل والشرب من مبطلات الصيام إجماعاً، الأكل والشرب كل منهما مبطل للصيام إجماعاً، وهذا في حق العامد، أما الناسي فقد جاء في هذا الحديث حديث أبي هريرة وهو متفق عليه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه)) وهذا من لطف الله بعباده والتيسير عليهم؛ لأن الإنسان الذي ما تعود الصيام تجده في الأيام الأولى يكثر منه النسيان، فلو كلّف بقضائه كلف حرجاً لا سيما الذي لم يتعود الصيام، هذا معروف في الأيام الأولى تجده يوماً يأكل ويوم يشرب ويوم يأكل ما دري، فمثل هذا لا أثر له في الصيام.
((فإنما أطعمه الله وسقاه)) وهذا قول جمهور أهل العلم، ويرى المالكية أنه يبطل صومه؛ لكن لا يلزمه كفارة إذا أكل أو شرب ناسياً لا يلزمه كفارة، وإنما يبطل صومه بخلاف العامد، العامد عندهم مع فطره تلزمه الكفارة، والحديث ليس فيه قضاء، ولا بطلان صوم، ولا كفارة، وهو صحيح صريح في الموضوع، وهو مؤيد لقول الجمهور، فقولهم هو الراجح.