عمدة الأحكام - كتاب الصيام (2)
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
ولذا كان أبو هريرة -رضي الله عنه- يفتي بأن من أصبح جنباً صومه غير صحيح، يصبح جنب، ما اغتسل قبل طلوع الفجر صومه ليس بصحيح، فاستدل عليه بهذا الحديث، عن عائشة وأم سلمة، يقدم قول أبي هريرة وإلا قولهما؟ قولهما، نعم؛ لأن هذا شيء يدركه النساء، شيء خاص لا يحصل إلا بين الرجل وزوجته، فقولهما مقدم على قول أبي هريرة.
عن عائشة وأم سلمة -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يدركه الفجر، يعني يطلع عليه الفجر، وهو مريد للصيام، مبيّت للنية، وهو جنب من أهله، والحال أنه جنب من أهله لا من احتلام، ثم يغتسل ويصوم؛ لأن مسألة الاحتلام ما يمكن أحد يناقش فيها؛ لأنه لو احتلم وهو صائم، احتلم الظهر، احتلم ما عليه شيء؛ لأن هذا ليس بيده، المسألة مسألة الاختيار، وهو كون الجنابة ناشئة من جماع أهله، الرسول -عليه الصلاة والسلام- ما يحتلم؛ لكن المسألة له ولغيره، الحكم للجميع، يعني هنا قالت: وهو جنب من أهله لتبيّن أن المسألة في مسألة الاختيار، فضلاً عن مسائل الاضطرار التي ليس للإنسان فيها تصرف.
يدركه الفجر؛ لأنه إذا كان جنب من أهله بإمكانه أن يغتسل قبل الفجر؛ لكن إذا كان من جماع هل يملك أن يغتسل قبل الفجر إذا كان بعد طلوع الفجر أو بعد طلوع الشمس أو بعد الظهر مثلاً؟ ما يملك شيء فلا حكم له، الشيء الذي لا يملكه ابن آدم لا حكم له فيه؛ لكن هذا في حالة جنب من أهله، فإذا كان في حالة الجنابة فالاحتلام من باب أولى، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كما هو مقرر في كتب الخصائص والشمائل أنه لا يحتلم؛ لأن الاحتلام من تلاعب الشيطان، وعلى كل حال الصحابة منهم من احتلم، كثير؛ لكن من كماله -عليه الصلاة والسلام- أنه لا يحتلم.