"عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: دبر رجل من الأنصار غلاماً له" يعني إذا مات فهو حر، علق عتقه على وفاته "وفي لفظ: بلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رجلاً من أصحابه أعتق غلاماً له عن دبر لم يكن له مال غيره" تصور أنه يملك ألف ريال، فأوصى إذا مات هذه الألف تصرف في كذا، يمضي وإلا ما يمضي؟ الوصية لا تزيد على الثلث إلا إذا أجاز الورثة، وهذا لا يملك إلا هذا الغلام فيحرم الورثة من هذه التركة بسبب تصرف .. ، لو أعتقه فوراً في حياته يكون كمن أوقف وقفاً منجزاً، لكن هذه أعتقه عن دبر بموته انتقل المال منه إلى الورثة، ما يملك خلاص، لو أعتقه في مرض موته المخوف، لو أوصى بأكثر من الثلث في مرض موته المخوف ما تنفذ الوصية؛ لأنه المظنون به أنه يقصد بذلك حرمان الورثة، فيعامل بنقيض قصده، فهذا أعتق غلاماً عن دبر لم يكن له مال غيره، والمال بموته ينتقل، ينتقل هذا العبد ينتقل بموته إلى ورثته، فباعه بثمانمائة درهم، النبي -عليه الصلاة والسلام- باع هذا الغلام بثمانمائة درهم، ثم أرسل بثمنه إليه، أنت ما عندك مال فكيف تفوت هذا المال على نفسك وعلى ورثتك؟ ((إنك إن تدع -كما في حديث سعد- ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس)) فالوصية بأكثر من الثلث لا تجوز، هذا ليس له مال ألبتة، ليس له مال غيره، هو محتاج إلى نفقة، وهذا حكم من يخرج من جميع ماله، كما فعل أبو بكر في حياته، شخص يملك مائة ألف وقال: هذه مائة ألف في سبيل الله هو لا يملك غيرها، والناس منازل يتفاوتون ومراتب، من قدر على أن يصنع مثل ما صنع أبو بكر، وعنده من اليقين والتوكل والاعتماد على الله -جل وعلا- مثل ما عند أبي بكر الله يقويه، لكن أنه يبقي شيء من هذا المال يتقوت منه، ولا يتكفف الناس خير له، ومثله لو علق ذلك بموته، فأن يدع ورثته أغنياء خير من أن يدعهم عالة يتكففون الناس، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.