فإذا رأى إنسان آخر وهو صائم متجه إلى البرادة وملأ الكأس وتناوله ليشرب منه يخبره أو لا يخبره؟ يقول: هذا طعمة من الله -جل وعلا- أطعمه الله وسقاه وأنت تريد أن تحرمه مما أطعمه الله؟ أو نقول: هذا منكر فطر في نهار رمضان هذا الظاهر، الناس ما لهم إلا الظاهر، وعليك أن تغير المنكر، فتنبهه، هذا هو المعمول به عند أهل العلم أن من أراد أن يأكل أو يشرب ناسياً ينبَّه، وهذا من باب تغيير المنكر.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "بينما نحن جلوس عند النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت، قال: ((مالك؟ )) قال: وقعت على امرأتي في رمضان وأنا صائم، وفي روايةٍ: أصبت أهلي في رمضان، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هل تجد رقبةً تعتقها؟ )) قال: لا، قال: ((فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ )) قال: لا، قال: ((فهل تجد إطعام ستين مسكيناً؟ )) قال: لا، قال: فمكث النبي -صلى الله عليه وسلم- فبينا نحن على ذلك أوتي النبي -صلى الله عليه وسلم- بعرقٍ فيه تمر، والعرق: المكتل، قال: ((أين السائل؟ )) قال: أنا، قال: ((خذها فتصدق به)) فقال الرجل: على أفقر مني يا رسول الله؟ فو الله ما بين لابتيها يريد الحرتين أهل بيتٍ أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت أنيابه، ثم قال: ((أطعمه أهلك)) الحرة: أرض تركبها حجارة سود.
هذا الحديث، حديث أبي هريرة في قصة المجامع في نهار رمضان حديث عظيم جليل كثير الفوائد والأحكام استنبط منه بعض العلماء فوائد كثيرة جداً، واعتنى به بعض المتأخرين، كما يقول الحافظ، يقول: "اعتنى به بعض المتأخرين ممن أدركه شيوخنا فتكلم عليه في مجلدين جمع فيهما ألف فائدة وفائدة" ممن أدركه شيوخنا فدل على أنه ليس من شيوخه، وبعضهم يشير بعض الشراح إلى أن الذي جمع فيه مجلدين في ألف فائدة هو الحافظ العراقي، الحافظ العراقي من شيوخ الحافظ ابن حجر، وابن حجر يقول: "ممن أدركه بعض شيوخنا" فهذا دل على أنه ليس الحافظ العراقي، وإنما هو غيره.