((فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسها)) ليكون طلاقها سنياً في طهر لم يجامعها فيه ((فتلك العدة كما أمر الله -عز وجل-)) {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [(1) سورة الطلاق] فتلك العدة كما أمر الله -عز وجل-.
وعن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب، وفي رواية: طلقها ثلاثاً فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء، فجاءت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك له، فقال: ((ليس لك عليه نفقة)) وفي لفظ: ((ولا سكنى)) فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال: ((تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك، فإذا حللت فآذنيني)) قالت: فلما حللت ذكرت له أن معاوية ابن أبي سفيان وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، أنكي أسامة بن زيد)) فكرهته، ثم قال: ((أنكحي أسامة بن زيد)) فنكحته، فجعل الله فيه خيراً، واغتبطت به.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن فاطمة بنت قيس -قرشية فهرية -رضي الله عنها- أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب" في رواية: طلقها ثلاثاً، وطلاق الثلاث طلاق ليس عليه أمر الله ورسوله فهو مبتدع، ولذا يقول أهل العلم: ثلاثاً يعني تكملة ثلاث، يعني طلقها ثلاث مرات، ليست في لفظ واحد كما يوحي بذلك النص، البتة التكملة، يعني بت طلاقها بإيقاع الثالثة المبينة، وفي رواية: طلقها ثلاثاً فأرسل إليها وكليه بشعير، أرسل إليها بشعير، نفقة شعير، والشعير عند الناس دون غيره من الأطعمة، كما يقولون: إن الشعير مأكول مذموم، إذا أرادوا أن يشبهوا شخصاً بعظم نفعه وعدم اعتراف الناس له، يقولون: فلان مثل الشعير مأكول مذموم، غذاء نافع، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يأكل خبز الشعير "فسخطته" المسألة مسألة جدة وقلة، قد يكون العسل مذموم عند بعض الناس، قد يكون أطايب الطعام مذموم عند الناس، وقد يكون أردئ الأطعمة محمودة عند بعض الناس، المسألة مسألة نسبية.