"طلق امرأته وهي حائض" يعني حال الحيض وطلاق الحائض لا يجوز، بدعة، ولذا أمره النبي -عليه الصلاة والسلام- .. ، أولاً تغيض النبي -عليه الصلاة والسلام-، ذكر ذلك عمر للنبي -عليه الصلاة والسلام- فتغيظ منه، تغيظ لأنه أوقعه على غير الوجه الشرعي، طلاق بدعي ليس عليه أمر النبي -عليه الصلاة والسلام-، ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) فالطلاق في الحيض محرم، ولذا تغيظ منه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: ((ليراجعها)) وفي راوية: ((مره فليراجعها)) مسألة الأمر بالأمر بالشيء هل هو أمر به؟ مسألة خلافية طويلة الخلاف عند أهل العلم، وهنا هل ابن عمر ملزم بما بلغه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بواسطة أبيه؟ نعم ملزم، (مره) فهذا أمر بالأمر بالشيء؛ لأنه مكلف يتجه إليه الإلزام، لكن ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع)) هل الأمر بهذا الأمر على سبيل الإلزام؟ هم غير مكلفين، إنما هو أمر استحباب، الأمر متجه للأولياء، يجب عليهم أن يأمروا أولادهم، لكن الأولاد أمره بذلك على سبيل الاستحباب؛ لأنهم غير مكلفين.
((ليراجعها)) والرجعة إنما تكون بعد الطلاق، الرجعة إنما تكون بعد الطلاق ((ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض فتطهر)) قد يقول قائل: لماذا كل هذا التطويل؟ مو بالمقصود أن تطلق في طهر لم يجامعها فيه، هي الآن حائض طلقها راجعها، ثم طهرت ولم يجامعها في هذا الطهر، وش المانع أن يطلقها في هذا الطهر؟ يقول أهل العلم: لئلا يكون إمساكها من أجل الطلاق، ومعاقبة له بنقيض قصده حيث أوقع الطلاق قبل وقته، فيأمر بالتريث أكثر من اللازم، ومنهم من يقول: لأجل أن تترك له فرصة لعله أن يعيد النظر، لعله يطأ بعد ذلك، ثم قال: ((مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض فتطهر)) يعني تطويل المدة هنا ليس القصد منه الإضرار بالزوجة، إنما القصد منه عله أن يطأ، عله أن يرغب عما أقدم عليه، كتب بعض المعلقون على الكتب، ويجرءون على تحقيق الكتب من غير أهلية، فقال: كان هذا الأمر لما كانت العدة قبل الطلاق، في عدة قبل الطلاق؟ فهي تعتد الآن بحيث أنه إذا طلقها في الطهر الثالث تصير انتهت العدة، والله المستعان.